اعمدة طريق الشعب

نحو إدارة واضحة لعملية الاستثمار في العراق / إبراهيم المشهداني

في اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول الجاري جرى إقرار توصية لجنة الشؤون الاقتصادية بعدم إدراج إي مشروع استثماري في الموازنة العامة إلا بعد عرضه على الهيئة الوطنية للاستثمار لدراسة إمكانية تنفيذه عن طريق الاستثمار وقيام الهيئة الوطنية للاستثمار بتقديم قائمة بالمشاريع الممكن إعلانها كفرص استثمارية والتنسيق مع الوزارة أو الجهة المعنية.
ويبدو واضحا ان أية محاولة للبحث في آلية تنفيذ هذه التوصية سيجد الباحث الاقتصادي صعوبة في فهم مبررات هذه التوصية وإمكانية تحويلها إلى واقع عملي ملموس ما عدا التنسيق بين الجهات التي تدير عملية الاستثمار للاختلاف في طريقة التمويل بين المشاريع الحكومية ومشاريع القطاع الخاص التي تعنى بها الهيئة الوطنية للاستثمار .
ومن المعلوم إن في العراق قطاعين استثماريين أساسيين هما القطاع الحكومي والقطاع الخاص وان مجال عمل الهيئة الوطنية للاستثمار هو القطاع الخاص فيما يكون مجال عمل وزارة التخطيط دراسة المشاريع الحكومية والإشراف على تنفيذها وتقييم النشاط الاقتصادي العام في القطاعات الاقتصادية الأخرى عبر المسوحات الإحصائية التي تجريها حسب قوانين واستراتيجيات كل منها .
لقد أوضحت تجربة السنوات الثلاث عشرة الماضية ان إدارة المشاريع الاستثمارية الحكومية لم توفق في أدائها ولم تحقق أهدافها بالرغم من توفر التخصصات المالية الكبيرة فقد بلغت الموارد المالية المخصصة للاستثمار في الموازنات العامة للفترة 2003—2016 (350) تريليون دينار وبلغ حجم الفوائض المالية للفترة 2004---2011 أكثر من 70 تريليون دينار إلا إن النتيجة تتمثل بتعطل تنفيذ 6000 مشروع بلغت تكاليفها الإجمالية 228 تريليون وبعضها كانت نسبة الانجاز صفرا وتتخذ الآن الإجراءات لانجاز المشاريع التي حققت انجازا عاليا بالاستفادة من قرض صندوق النقد الدولي وفي الغالب أنها مشاريع غير إستراتيجية . ويتحمل نتائج هذا الفشل الجهاز الحكومي باكمله كل حسب مهامه.
إما دور الهيئة الوطنية للاستثمار فينصرف بشكل أساس على تنفيذ قانون الاستثمار رقم 13 لسنة2006 المعدل ، ورغم التعديلات التي طرأت على القانون والمتمثلة بأحقية تملك الأرض بالنسبة للمستثمر الأجنبي إلا إن هذا التعديل لم يؤد إلى جذب المستثمرون الأجانب ويعود السبب في ذلك إلى جملة من التحديات أهمها الفساد وإعمال الابتزاز التي يتعرض لها المستثمرون بالإضافة إلى غياب الاستقرار الأمني والى البيروقراطية الإدارية والروتين وتخلف النظام المصرفي العراقي وهروب وتهريب المال الى خارج البلاد .
والمهمة الأخرى إمام الهيئة تتجسد في جذب الاستثمارات العراقية في الخارج التي تقدر بـ250 مليار دولار منها (11) مليار في الأردن ما يوجب على الهيئة اتخاذ الكثير من الإجراءات بدعم حكومي واضح وجاد من اجل إعادة الأموال العراقية الهاربة والمهربة . ولكي تأخذ العملية الاستثمارية مسارا صحيحا يتعين وضع خارطة طريق واضحة ومحددة الأهداف منسجمة الصلاحيات وخالية من التداخل في الأدوار والمهمات وما يمكن ان ينتج عنها من نزاعات وظيفية مؤذية. ومن اجل نجاح العملية الاستثمارية التي تستهدفها التوصية نجد من الضروري مراعاة الأمور الآتية:
1. فك الاشتباك بين مهمات وزارة التخطيط التي تعنى بتقييم المشاريع الحكومية من حيث أهميتها الاقتصادية وحجم تكاليفها ومدى توفر التخصيصات المالية وفق ما مقرر في الموازنة الاتحادية ، ومهمات الهيئة الوطنية للاستثمار المتعلقة بتنفيذ المشاريع الاستثمارية في القطاع الخاص المحلي والأجنبي الممولة من قبل المستثمرين .
2. ضرورة التنسيق والتكامل بين وزارة التخطيط والهيئة الوطني للاستثمار من اجل تنفيذ المشاريع وتفادي مخاطر الفوضى التي قد تنشا في خلال التنفيذ والتنسيق بخصوص المشاريع المشتركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص على وفق مبدأ الشراكة بين القطاعين الذي اقره البرنامج الاقتصادي الحكومي .
3. معالجة القيود القانونية التي تعيق عملية الاستثمار وعودة الاستثمارات العراقية من الخارج وتقديم كافة التسهيلات الكمركية والضريبية والمصرفية التي تشجع المستثمرين العراقيين على العودة إلى السوق العراقية .