اعمدة طريق الشعب

دعما لصناعة الاسمنت العراقية / إبراهيم المشهداني

يعرف الاسمنت العراقي بأنه من أفضل أنواع الاسمنت في المنطقة بالمقاييس الدولية وكان خلال فترة السبعينات يحظى بقبول العديد من دول المنطقة وخاصة في دول الخليج العربي ويأتي هذا التطور النوعي في صناعة الاسمنت نتيجة الدعم الحكومي ولجودة المواد الصخرية الأولية ولخبرة الكادر العراقي العالية في هذه الصناعة ولهذا لعبت مصانع الاسمنت دورا ملحوظا في توفير الموارد المالية فضلا عن تحقيق إرباح عالية وفرت حوافز لشغيلتها.
غير أن هذه الصناعة الناجحة وغيرها من الصناعات التحويلية الناهضة قد واجهت تحديات لم تكن في الحسبان ، خاصة بعد أن ادخل النظام البلاد في حرب ضد جيرانه وما تتطلبه من تحشيد كافة الطاقات الاقتصادية والبشرية لخدمة مشاريعه العدوانية وكان التردي في صناعة السمنت احد افرازات هذه الحرب.
تشير المعطيات إلى وجود 22 معملا للإسمنت خمسة منها تعود ملكيتها إلى القطاع الخاص وستة منها مستثمرة من قبل القطاع الخاص لكن ملكيتها تعود إلى القطاع الحكومي واحد عشر مصنعا تدار مائة في المائة من قبل القطاع الحكومي وتبلغ طاقتها الإنتاجية 30 مليون طن سنويا غير إن حاجة العراق حسب التقديرات في عام 2015كانت 21 مليون طن سنويا إلا أن هذه الحاجة ستزداد كثيرا عندما تبدأ عملية أعمار المدن التي دمرتها الإعمال الإرهابية والعمليات العسكرية ضد الإرهاب ما يتطلب وضع الخطط الإستراتيجية لدعم هذه الصناعة وحمايتها من منافسة الاسمنت المستورد والذي لا يرتقي إلى مستوى جودة الاسمنت المحلي.
إن أفضل أشكال الدعم لهذه الصناعة الإستراتيجية الواعدة تبدأ بتحليل واقعي راشد لعوامل تطورها ومواجهة معوقاتها بعيدا عن تنظيرات البعض حول خصخصة المشاريع الصناعية حسب قرارات بريمر وكأن الخصخصة خير مطلق او تحويلها إلى الاستثمار دونما وجود ضرورة تستدعي الاستثمار من قبل القطاع الخاص كما يحصل الآن بالنسبة لمعمل سمنت الكوفة وهو من المعامل الناجحة المعروض للاستثمار والذي رفض من قبل لجنة الاستثمار في مجلس محافظة النجف وهذا لا يعني بطبيعة الحال إلغاء دور القطاع الخاص للاستثمار في هذه الصناعة أو في غيرها بل في معالجة المعوقات المباشرة التي تكبدها تكاليف عالية تنعكس على الأسعار مما يصعب من منافسته الاسمنت المستورد الأقل سعرا، ولكنه لا يرتقي إلى مستوى جودة الاسمنت العراقي. ومن هذه المعوقات زيادة كلف الوقود ومشاكل أخرى تتعلق بتوفير الطاقة الكهربائية ودور الفاسدين في عرقلة سير عملية الإنتاج ، وبعض السياسيين في الترويج لاستيراد الاسمنت الأجنبي على حساب الاسمنت الوطني ومشاكل اخرى تتعلق بضعف الإعلام والترويج له. كل ذلك يتطلب من وزارة الصناعة العراقية والوزارات ذات العلاقة تقديم كل إشكال الدعم إلى الاسمنت المحلي من خلال منظومة من الإجراءات نذكرها بما يلي :
• التنسيق الكامل مع وزارة النفط بشأن تجهيز معامل السمنت بالنفط الأسود بأسعار مخفضة خصوصا بعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط على المستوى العالمي . والتنسيق مع وزارة الكهرباء بشأن تقليص ساعات القطع وصولا إلى التوقف النهائي عن القطع .
• اتخاذ الإجراءات المشددة لمنع العصابات من تهريب الاسمنت إلى الدول المجاورة نظرا لجودته العالية وزيادة الطلب عليه .
• توفير الحماية الكاملة من خلال منع الاستيراد العشوائي للاسمنت الأجنبي وتطبيق جاد لقانون حماية المنتجات الوطنية رقم 11 لسنة 2010 ليس فقط لرداءة نوعيته قياسا بالأسمنت العراقي وإنما أيضا لخروج العملة الصعبة التي أصبح العراق الآن في أمس الحاجة إليها وتنفيذ تعليمات مجلس الوزراء بوجوب شراء المنتج الوطني ..
• دعم الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية لتنظيم إجراء الفحوصات الكيماوية والفيزياوية من اجل رفع مستوى الجودة باستمرار .