اعمدة طريق الشعب

«مودة» اليسار! / طه رشيد

كان الانتماء لليسار في حقبة السبعينيات « مودة « استهوت مجاميع كبيرة من الشباب، ومنهم من انتمى فعلا للحزب الشيوعي او عمل في احدى المنظمات الديمقراطية: اتحاد الطلبة او الشبيبة او رابطة المرأة. متأثرين بمجموعة من الحركات الستينية مثل نهوض جيفارا ضد الإمبريالية وقواها المحلية واستشهاده البطولي لاحقا، وحركة المقاومة الفلسطينية ،وإضرابات الطلبة في فرنسا عام 68 معززة بكتابات غارودي، والحركة الفكرية التي قادها سارتر.. كل هذه الأسباب وغيرها كانت معينا لتمرد قطاعات واسعة من الشباب، فأصبح الانتماء للطبقات المسحوقة والعمال والفلاحين مفخرة ومبعث مباهاة للعديد منهم ،سواء انتظموا في الأحزاب اليسارية ام لا !
وحين نتطلع اليوم إلى واقعنا نجد هناك تراجعا خطيرا في التعليم، مقارنة بتلك الأيام، وتراجعا مخيفا في تناول الكتاب، وهناك مد « ماضوي» بغلاف ديني شمل مفاصل كبيرة في حياتنا الاجتماعية منذ الحملة الإيمانية لـ « المقبور»!
فمن أين تأتي الروح الوثابة المتمردة والمتطلعة الى مستقبل أفضل عند الشباب هذه الايام؟!
بعد انتهاء حفل افتتاح المؤتمر العاشر لحزبنا الشيوعي قبل أيام عدنا إلى « مقهى وكتاب»، وخضنا نقاشا، وتواصلتُ مع الاصدقاء حول المؤتمر والثقافة والعراق وداعش والمستقبل، ودارت أحاديث متشعبة لم تبتعد كثيرا عن أجواء المؤتمر.
سألني أحد اصدقائي الفنانين إن كانت هناك دماء جديدة ترفد الحزب.. أكدت له ان لدينا عددا كبيرا من المنتمين الجدد ومن مختلف الأعمار، بالرغم من أسباب التردي التي ذكرتها آنفا في مجال التعليم والقراءة والتثقيف الذاتي، وخلو الساحة العالمية من نموذج يساري كرمز يشار اليه بالبنان، كما كنا قبل عقود حيث نردد اغاني الشيخ أمام ومارسيل خليفة وكوكب حمزة وجعفر حسن وقصائد مظفر النواب التي كانت تشبه البيانات السرية!
اذن ما الذي يدفع هؤلاء الشباب، اليوم، إلى الانتماء للحزب الشيوعي، غير الوعي بأهمية هذا الحزب في التغيير والوصول بالوطن إلى مرفأ التآخي والامن والامان. وخير مثال على ذلك صعود مزيد من الشباب إلى هيئاته القيادية العليا، مشكلين أكثر من 40 في المائة، من قوامها، وواضعين أحلامهم الثورية على أرض الواقع من أجل تحقيق شعار حزبهم العتيد « وطن حر وشعب سعيد».