اعمدة طريق الشعب

الطبيعة الاستراتيجية للبطاقة التموينية / إبراهيم المشهداني

لا تزال البطاقة التموينية تحتفظ بأهميتها الحيوية لكونها تمثل مشروعا اجتماعيا اقتصاديا ومسؤولية وطنية وواحدا من ابرز مصادر الأمن الغذائي ، تتحملها الحكومة وكافة الوزارات المعنية بالتنفيذ فضلا عن القطاع الخاص الذي يتحمل الجزء المتعلق بإعماله وفق الأسس التي بنيت عليها فكرة المشروع .
إن الحكومة وانطلاقا من وظيفتها الاقتصادية الاجتماعية تتحمل انجاز الدور الخاص بها في دعم المشاريع الصناعية وايلاء الاهتمام الخاص بالصناعات الغذائية والمشاريع الزراعية ذات العلاقة بدعم مفردات البطاقة التموينية وتنفيذ سياسة الدعم المالي لبرنامج البطاقة التموينية بهدف مواجهة المشكلات التي تواجه السياسة المالية وضمان وصول مفرداتها إلى مستحقيها والاستفادة من الخبرات الدولية في توصيلها إلى محدودي الدخل والفقراء بكافة تصنيفاتهم والعاطلين عن العمل .
ان التنسيق بين القطاع الخاص ممثل بالغرف التجارية ووزارة التجارة يمثل الحلقة الابرز في استيراد مفردات البطاقة بالكميات المقررة والنوعيات الأفضل وضمان توصيلها وتجهيزها إلى وكلاء التوزيع في مختلف القطاعات على المواطنين والعمل المشترك للحد من ظاهرة التلاعب والفساد في عملية شراء المفردات وتمريرها عبر النقاط الحدودية عن طريق تفعيل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية من خلال فحص وتحليل جودة مفردات البطاقة .
ومما لا شك فيه إن مبررات وجود نظام لتوزيع البطاقة على المواطنين الذين يستحقونها ما زالت قائمة فمشروع البطاقة كان تخطيطا دوليا بدا في عام 1990 حينما فرض مجلس الأمن حصاره الدولي على العراق وخلق أزمة اقتصادية عانى منها شعبنا لسنوات عجاف ، وكان عليه ان يجد الحلول لإزالة الضائقة المعيشية عن حياة المواطنين العراقيين فاوجد مذكرة التفاهم (برنامج النفط مقابل الغذاء ) وكان ذلك البرنامج يحتوي على 12 فقرة غذائية تسد حاجة المواطن ورغم ما اقترن به ذلك البرنامج من فساد وأحيانا تردي في نوعية مفردات السلة الغذائية إلا أنها كانت كافية لتلبية المتطلبات الغذائية والصحية .وبعد عام 2003 استمرت الحاجة إلى البطاقة إلا إن كمياتها أخذت تتناقص بسبب الأوضاع الاقتصادية التي كانت تواجه الدولة بعد التغيير وحتى بعد التحسن في موارد الدولة وفيضها فان البطاقة لم تتطور كمياتها ونوعياتها المفترضة وقد واجهت جملة من التحديات منها ارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية فضلا عن زيادة التكاليف الإدارية المتمثلة بالرواتب والتكاليف التشغيلية والأزمة المالية الناشئة عن انخفاض أسعار البترول وانسحابها على التخصيصات المالية في الموازنات السنوية لكن أهم هذه التحديات تتجلى في انتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري المتمثلة في فضائح الشاي والرز وسوء الإدارة في توزيع مفردات البطاقة وخاصة في السنوات الأخيرة حيث لم يتم توزيع سوى اقل من نصف الكميات ما اجبر وزارة التجارة على تعويض المواطنين نقدا عن الكميات غير الموزعة ما أسفر عن ارتفاع الأسعار في السوق وضعف الرقابة التجارية وادى في نهاية المطاف إلى خدمة مصالح التجار ، لهذا تتعين إعادة دراسة هذا البرنامج بما يخدم الأهداف الأساسية التي وضع من اجلها وان يأخذ في الاعتبار الظروف البائسة للمجتمع التي تتمثل في زيادة نسبة الفقر التي تصل الى 30في المائة حسب المسوحات الإحصائية الرسمية وزيادة نسبة البطالة الناشئة عن عملية النزوح وفقدان المواطنين المهن التي كانوا يمارسونها قبل النزوح عبر منظومة من التدابير وكما يلي:
• المحافظة على حجم التخصيصات المالية المرصودة في موازنة 2017 والتقليل من التكاليف الإدارية الناشئة عن الهدر في الأموال التي تصاحب انجاز عملية استيراد مفردات البطاقة وتوزيعها وفق الآلية المقررة .
• ضبط إيقاع نظام التوزيع بما يؤدي إلى الاحتفاظ بالحصة المقررة للمواطن من مفردات الحصة وضبط عملية التجهيز في مختلف مراحلها والتركيز على الخزين الاستراتيجي ومراقبته على مدار السنة .
• التصدي بقوة ومهما كانت الظروف والتدخلات السياسية لعمليات الفساد وسد الثغرات التي يتسلل منها الفاسدون والتشدد في ضبط العقود التجارية مع الشركات العراقية والأجنبية المكلفة باستيراد مفردات البطاقة من حيث الكم والنوع .