اعمدة طريق الشعب

حماية المنتج الوطني بين مرحلية الرؤية وإستراتيجيتها / ابراهيم المشهداني

استطاعت وزارة الصناعة أن تستحصل قراراً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء يسمح بحماية 50 منتجا محليا وقبول طلبات المنتجين المحليين المتضررين لحماية منتجاتهم من الممارسات التجارية الضارة ، ويعد هذا القرار بالإضافة إلى القوانين الاقتصادية والنظم والتعليمات التي أصدرتها الدولة إذا ما أحسنت إدارتها ،منظومة فاعلة في معالجة الاختلال في البنية الاقتصادية وفي تطوير العملية الإنتاجية وتوسيع طاقاتها وإيجاد فرص جديدة لتشغيل العمالة الوطنية ،وصولا إلى زيادة نسبتها في الناتج المحلي الإجمالي .
لقد شرّعت الدولة سلسلة من القوانين ووضعت التعليمات لتنفيذ هذه القوانين. ومن ذلك قانون حماية المنتجات الوطنية رقم 11 لسنة 2010 وقانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 وقانون المنافسة ومنع الاحتكار وقانون حماية المستهلك. وكان من المفترض لهذه المنظومة من القوانين ان تحقق نتائج طيبة وملموسة في الاستجابة للطلب المحلي والحد من استيراد السلع المماثلة حفاظا على العملة الصعبة التي تسربت بمليارات الدولارات خلال السنوات السابقة. لكن هذه المنظومة لم تحقق الأهداف المرسومة لها، ويعود سبب ذلك الى استمرار التحديات التي تعرقل حماية المنتج الوطني ومنها على سبيل المثال سياسة الإغراق التي تمارسها الدول الأجنبية في دعم منتجاتها، وضغط القوى المتنفذة ذات المصلحة في تعطيل تنفيذ قانون التعرفة الكمركية، وعمليات الفساد التي تمارسها بعض الإدارات في الأجهزة الحكومية، التي تعمل بما تستطيع لعرقلة تنفيذ التوجيهات الحكومية بشأن شراء المنتجات الوطنية بحجة زيادة كلفتها او رداءة نوعيتها، يضاف لها ضعف دور الدولة في إعادة تأهيل مؤسساتها الإنتاجية.
ان التهاون في تنفيذ القوانين الحمائية للاقتصاد الوطني التي اشرنا إليها من قبل الأجهزة التنفيذية وخاصة الوزارات ذات الصلة في الإنتاج الوطني والأجهزة الرقابية على اختلاف عناوينها ، يعد سببا في انتهاك تلك القوانين وينبغي ان تتحمل هذه الاجهزة مسؤوليتها في إرهاق الاقتصاد الوطني. وفي ذات الوقت فان على الحكومة وهي تبرم الاتفاقيات مع الدول الأخرى ان تكون سياج الأمان لحماية المنتجات الوطنية من خلال التقيد بتلك القوانين وخاصة قانون التعرفة الكمركية، والابتعاد ما أمكنها عن مجاملة هذه الدولة او تلك في إعطائها ميزة كمركية لمنتجاتها على حساب المنتج الوطني إلا إذا تعاملت تلك الدولة بالمثل فيما يتعلق بالصادرات العراقية بحسب قواعد التعامل بالمثل التي درجت عليها الدول في سياساتها الخارجية .
ان الإخفاق في تطبيق المنظومات الحمائية للمنتج الوطني من قوانين وتعليمات يتطلب مراجعة السياسة الاقتصادية عامة، لاسيما ما يتعلق بالقطاعات الإنتاجية السلعية وإعادة دراسة التحديات التي تواجهها دراسة تقييمية علمية للتخلص مما أصاب العملية الإنتاجية من تعثر وفشل. وفي ذات الوقت البحث عن طرق جديدة لتطوير المنتج الوطني.
ونقترح لذلك ما يلي :
• إعادة تقييم ومتابعة مدى تطبيق وفاعلية حزمة القوانين التشريعية ذات العلاقة بحماية المنتجات الوطنية بما فيها قانون حماية المستهلك وإجراء التعديلات المقتضية عليها التي تعرقل التنفيذ ووضع الآليات الضرورية التي تسهل تنفيذها والاهتمام بتشريع القوانين الخاصة بنظم ادارة الجودة لتحسين المنتج الوطني .
• بذل المزيد من الاهتمام بمشاريع القطاع الخاص وتشريع قانون خاص بالمشاريع المتوسطة والصغيرة والعمل على تأسيس هيئة خاصة برعاية هذه المشاريع والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والبلدان النامية التي سجلت تجارب ملموسة في هذا المجال .
• تفعيل مبادرة البنك المركزي بتقديم قرض الستة تريليونات عن طريق المصارف الحكومية والأهليةلتشجيع المواطنين على إنشاء المشاريع المتوسطة والصغيرة ودعم المشاريع الكبيرة وفق شروط واضحة ومحددة وحمايتها من الفاسدين ووضع الخطط الكفيلة بتفعيلها .
• من الضروري جدا اعتماد الضوابط الواضحة في منح إجازات الاستيراد للسلع المسموح بدخولها إلىالسوق العراقي حسب الحاجة، لتغطية العجز وللحد من الاستيراد العشوائي، وإعادة إحياء قسم التجارة الخارجية في وزارة التجارة لضبط الجداول الاستيرادية السنوية لمختلف السلع بالتنسيق مع المؤسسات الإنتاجية في القطاعين العام والخاص .