اعمدة طريق الشعب

ضبط الاستيراد وتأمين نزاهة المنافذ الحدودية / إبراهيم المشهداني

استيراد البضائع والسلع وضبط إيقاعها من الواجبات الحكومية الأساسية المتعلقة بدعم الاقتصاد الوطني من خلال استيراد الجيد منها الذي لا يستنزف الموارد المالية ولا يتعارض مع متطلبات حماية المستهلك من البضائع والأدوية منتهية الصلاحية التي نص عليها قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 .
لكن انتهاك القوانين المنظمة للاستيراد أصبح شائعا، فالإخبار التي تنشرها وسائل الإعلام على اختلافها تؤكد استمرار ظاهرة دخول بضائع رديئة مستوردة إلى السوق العراقية خلافا للسياقات القانونية بما فيها مفردات البطاقة التموينية من الشاي والرز اللذين احدثا ضجة كبيرة لدى الرأي العام لم ينفع معها نفي وزارة التجارة والمؤسسات المرتبطة بها، بالإضافة إلى الفساد المستشري في المنافذ الحدودية والتي لها ماض سيئ فقد كشفت اللجنة الاقتصادية البرلمانية خسارة 8 مليارات دولار بسبب حالات الابتزاز وإدخال بضائع مستوردة بشكل غير قانوني وهي بمعنى من المعاني إدخال بضائع مهربة من خلال المنافذ الحدودية .
وإذ تشير المعلومات إلى أن مقدار قيمة البضائع المستوردة والتي جرى فحصها تقدر بـخمسة مليارات دولار، فان هذه المبالغ لا تتناسب مع القيمة الحقيقية للبضائع المستوردة خلال السنوات الثلاث الأخيرة البالغة 30 مليار دولار وهذا يعني ان القسم الأكبر من البضائع المستوردة لم تخضع للفحص بالرغم من ان الحكومة قد تعاقدت مع أربع شركات أجنبية تقوم بمهمة فحص البضائع المستوردة في بلدان المنشأ وطبعا ليس بالمجان. لكن عملية الفحص تدعو إلى الاستغراب فهذه الشركات تقوم بفحص عينات من البضائع عن طريق مكاتبها يقدمها المستورد ويقوم المكتب بإرسال نتائج فحوصاتها إلى المنافذ الحدودية لمطابقتها عند وصول الشحنة وهذه الطريقة تسمح للتاجر بعدم مراجعة المكتب وإدخال بضاعته من دون فحص وهذه بالضبط هي عملية الابتزاز التي تحدثت عنها اللجنة الاقتصادية البرلمانية إذن ما فائدة الشركات المتعاقدة اذا لم يلتزم التاجر قانونا بمراجعة مكاتبها وإلا تعتبر هذه العقود إهداراً لأموال الدولة الشحيحة أصلا؟!. والسؤال الأخر ما دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية الذي يعتبر فحص البضائع المستوردة جزءاً من مهماته حسب نص الفقرة ثالثا من المادة (2) من قانون الجهاز رقم 54 لسنة 1979 المعدل التي نصت على (رفع الكفاءة الإنتاجية من خلال السيطرة النوعية ومراقبة الجودة على السلع والمنتجات المحلية والمستوردة ) فمعظم الفعاليات التي يمارسها الجهاز لها علاقة ببعضها ليس من الناحية الفنية الصرفة فحسب، بل لمساهمتها في النهوض بالاقتصاد الوطني وحماية الثروة الوطنية، بالإضافة إلى أهميتها في العلاقات الاقتصادية الدولية والتبادل التجاري، نستخلص مما تقدم ان قانون التعرفة الكمركية معرض للانتهاك مع ما يرافق ذلك من فساد وهدر للمال العام في المنافذ الحدودية رغم الأزمة المالية ، وانتهاك قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 من خلال البضائع المستوردة الرديئة التي لم تخضع إلى الفحص على اختلاف أنواعها ومناشئها مع ما تسببه من إمراض للمواطن. ان معالجة هذا الخلل الفاضح يتطلب مراجعة القوانين والسياقات المتبعة في المنافذ الحدودية من خلال :
• مراجعة العقود مع الشركات الأجنبية التي تتولى فحص البضائع والسلع المستوردة لتقوم بالفحص الشامل لهذه البضائع وإلزام التجار بمراجعة هذه الشركات حتما والمحاسبة الشديدة للمخالفين وسحب إجازات الاستيراد منهم .
• العمل على تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في إجراء عمليات الفحص للبضائع المستورد وفق المعايير الدولية وتوسيع طاقات الجهاز البشرية والفنية لأداء مهمته والاستعاضة عن الشركات التي لا تعني في طريقة عملها الراهنة سوى مصدر للابتزاز والهدر المالي .
• تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية والتعامل معها بجدية بإبعاد الفاسدين المعطلين للقوانين النافذة وخصوصا المحالين إلى النزاهة بقضايا فساد وتفعيل دور ديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين في وزارة المالية والداخلية في هذا المجال .