اعمدة طريق الشعب

تزايد مخاطر الأمن الغذائي في العراق / إبراهيم المشهداني

يشكل الأمن الغذائي أولوية تتقدم على كافة اهتمامات وبرامج الدول الحريصة على بقاء مجتمعاتها صحية ومعافاة ، ولهذا عرف البنك الدولي الأمن الغذائي (بحصول كل الناس في البلد المعني وفي كل الأوقات على غذاء كاف لحياة نشطة وسليمة جوهرها وفرة الغذاء والقدرة على تحصيله ) .وقد حددت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو) الإبعاد الرئيسة لمفهوم الأمن الغذائي بزيادة الإنتاجية الزراعية والغذائية بطريقة كفوءة ومستدامة وتأمين الحصول على الأغذية وخاصة الجيدة منها والمحسنة لمحدودي الدخل من السكان من خلال الاكتفاء الذاتي وسد النقص في المخزون الغذائي عند الضرورة عبر طريق الاستيراد .
وعلى الرغم من أن تصريحات المسؤولين في وزارة التخطيط العراقية التي تحاول التهوين من مخاطر الأمن الغذائي كظاهرة تتعاظم مخاطرها على المواطنين العراقيين ، بتقليص نسب العوائل العراقية التي تواجه هذه المخاطر إلى 2,5 في المائة من عدد السكان ، إلا إن التقارير المشتركة لبرنامج الأغذية العالمي والحكومة العراقية المنشورة في الفترة الأخيرة تشير إلى إن نصف العوائل العراقية معرضة إلى خطر انعدام الأمن الغذائي ولم يعد بمقدورها تحمل صدمات جديدة من قبيل ارتفاع اسعار المواد الغذائية الأساسية .
وتؤكد هذه التقارير إلى أن 53 في المائة من السكان و66 في المائة من النازحين معرضون إلى فقدان الأمن الغذائي ، زد على ذلك انتشار ظاهرة البضائع والسلع غير الصالحة للاستخدام في السوق العراقية بسبب الغش الصناعي الناتج عن انتشار المعامل غير المرخصة ، بإشكال متعددة تتمثل في تزوير العلامات التجارية وإعادة التغليف والتلاعب بتاريخ صلاحية هذه البضائع .وتعد هذه الظواهر من الجرائم الاقتصادية والمنافسة غير القانونية التي تلحق الضرر بالاقتصاد العراقي وانتهاكا للقوانين النافذة كقانون حماية المستهلك وقانون الصحة العامة وقانون حماية المنتج الوطني .
ويبدو واضحا أن تفاقم هذه الظواهر يرجع إلى عدة أسباب تتلخص في الاضطراب في الوضع الأمني وضعف قدرة الأجهزة الأمنية والرقابية بكل تشكيلاتها على ضبط إيقاع حركة السوق بقطاعيها الإنتاجي والاستيرادي وخاصة الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ودائرة مكافحة الجريمة الاقتصادية وأجهزة الرقابة التجارية والرقابة الصحية وتراجع البطاقة التموينية بدرجة خطيرة بالرغم من استمرار هبوط المستوى المعيشي للمواطنين واستمرار ذات الأسباب التي دعت إلى إيجاد نظامها ، وبدرجة ما إلى ضعف الاهتمام بوجود دراسات وتحليل شامل للأمن الغذائي من قبل صناع القرار والعاملين في المجال الإنساني وهذا لا يعني غياب الدولة عن أداء دورها بالكامل لكن الإجراءات الحكومية وبسبب من ضغوط الحرب ضد الإرهاب غير قادرة على مواجهة مجمل هذه التحديات وخاصة الأنشطة الإجرامية للفاسدين في إعاقة الأجهزة المختصة للقيام بواجباتها كما ينبغي . لهذا فان إمام الدولة حزمة من المهام والإجراءات يمكن الإشارة إليها بالاتي :
• التأكيد على توفير المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية من خلال المنتج المحلي والمستورد وأهمية هذا المخزون تتحقق من خلال تنفيذ القوانين المتعلقة بحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك وفي الوقت نفسه إعادة النظر في النصوص القانونية بما يتلاءم مع تزايد حجم الجريمة وخاصة الغش الصناعي وتزوير العلامات التجارية .
• قيام الأجهزة الرقابية بمراقبة البضائع المنتجة والمستوردة من حيث احتواء البضاعة المعروضة للبيع على المواد الداخلة في تركيبتها وتاريخ صنعها وانتهاء صلاحيتها وبلد المنشأ والعلامات التجارية التي تحملها .
• التخفيف من الإجراءات الروتينية في منح إجازات المعامل الخاصة بإنتاج السع الغذائية وطبعا دون الإخلال بشروط الإجازات .
• الدقة العالية في فحص المواد المستوردة من حيث السيطرة النوعية وضبط إجراءات التعرفة الكمركية التي تستلزم تطبيق كافة الشروط المتعلقة بالسيطرة النوعية والعلامات التجارية وتاريخ صلاحية الاستهلاك .
• تفعيل برامج التغذية المدرسية والدعم التغذوي للأطفال الرضع وقيام الدولة ببناء القدرات التقنية وإصلاح نظام التوزيع العام والمضي في برنامج البطاقة التموينية وتمكين المواطنين من الحصول عليها بالكمية والنوعية المناسبة .