اعمدة طريق الشعب

كوارث النقل البري في العراق هل من نهاية لها؟ / إبراهيم المشهداني

يعتبر النقل بواسطة الشاحنات والسيارات الوسيلة الأهم التي يتعاظم الاعتماد عليها يوما بعد أخر بسبب حركة السكان المتزايدة واتساع حركة التجارة الخارجية منها والداخلية ، ما يتطلب ايلاء اهتمام اكبر في إصلاح الطرق وتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية من خلال ربط قطاعات الإنتاج بأسواق الاستهلاك والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية .
ولا يمكن تصور نمو وتطور قطاع النقل البري في ظل خراب الطرق البرية، وخاصة السريعة منها، الذي يؤدي في التحليل النهائي الى تدمير وسائط النقل وسرعة اندثارها، وما ينجم عنها من مضاعفة التكاليف، وبالتالي تخفيض نسبة مساهمتها في الإنتاج المحلي الإجمالي , فالمطلوب قطاع نقل بري منسجم تمام الانسجام مع معدلات نمو الفعاليات الاقتصادية .
لكن البحث في هذا الموضوع يستلزم قبل اي شيء آخر التشخيص الدقيق للتحديات المباشرة وغير المباشرة التي تؤثر على تطور هذا القطاع الحيوي، وإزالة العقبات المادية، وعلى سبيل المثال التحديات المتولدة عن الطلب المتزايد على خدمات النقل اللوجستي المتنامي بشكل يومي، دون ان تقابله خطوات في تحسن قطاع النقل في النوع والكم، وكذلك ضعف المسح الميداني للاختناقات الحالية لقطاع النقل البري، وبدون ذلك لا يمكن توقع نجاح الخطط الموضوعة لتنمية هذا القطاع، بل بالأصل المشكلة تكمن في غياب هذه الخطط الضرورية لتوسيع وتنفيذ الجوانب الرئيسية المتعلقة بسلامة وتسهيل عمليات النقل، وضعف القدرات التدريبية لمدراء النقل وسائقي الشاحنات بمختلف إحجامها والعاملين في هذا القطاع .
بيد ان معظم التقارير الميدانية عن حالة الطرق البرية في العراق تشير الى المستوى الهابط لهذه الطرق، وخاصة طرق نقل البضائع ومواد التشغيل والبناء التي تربط العاصمة بغداد بالدول المجاورة الأردن وسوريا وإيران، ومحافظات البصرة وغيرها من محافظات الجنوب والوسط والرابطة بين بغداد وكركوك، فهي قد تعرضت إلى التخريب والتآكل وكثرة المطبات، حيث ان اكثر من 70 في المائة منها تحولت إلى جداول وسواقٍ يتعذر المرور عليها ، فضلا عن الكوارث المترتبة عليها من الحوادث المروعة التي تصاعدت أرقامها بشكل مخيف لا يقل كارثية عن الإعمال الإرهابية، فحسب إحصاءات مديرية المرور العامة فان 66 إلف حادث مروري وقع خلال السنوات العشر الأخيرة راح ضحيتها حوالي 23 ألف شخص. وحسب إحصاءات وزارة التخطيط ففي عام 2015 وحده لقي مصرعه واصيب أكثر من 12 إلف مواطن، وان نسبة الحوادث المميتة بلغت 29 في المائة، فيما بلغت الحواث غير المميتة 9322 بزيادة طفيفة عن عام 2014، وبلغت نسبتها 3 في المائة، ونسبة حوادث الاصطدام بلغت 48 في المائة، وان حوادث الانقلاب بلغت 11 في المائة. كل هذا يتطلب مراجعة جادة على أعلى المستويات لوضع إستراتيجية إعادة بناء هذا القطاع على المستويين الحكومي والخاص، تأخذ في الاعتبار المهام الآتية :
1. العمل على تفعيل مشروع مترو بغداد اعتمادا على الدراسات التي وضعتها شركات فرنسية في ثمانينات القرن الماضي وأعيدت دراستها بعد عام 2003 مع نفس الشركات، مع الأخذ في الاعتبار التعديلات التي تتناسب مع التغيرات السياسية والاجتماعية والسكنية .
2. إعادة بناء القاعدة التحتية للطرق السريعة عن طريق الاستثمار، مع وضع الضوابط الفنية لنقل الأحمال الثقيلة، سواء التجارية او مواد البناء واستخدام الموازين على الطرق الخارجية، ووضع التشريعات الملزمة لها لضبط حركتها وأوزانها .
3. تفعيل دور القطاع الخاص لتفعيل نشاط نقل الركاب بواسطة السيارات، مع بقاء دور الدولة كمنظم ومراقب، وتحديد نوع الحافلات ومواصفاتها الفنية الحالية لضمان سلامة المسافرين .
4. بقاء سكك الحديد والقطارات ملكا للدولة كمشاريع إستراتيجية للاستخدامات المدنية والعسكرية والتخفيف من الضغوطات على النقل بالشاحنات .