اعمدة طريق الشعب

هل تحولت الكهرباء الى خدمة مستحيلة؟! / إبراهيم المشهداني

ان العراق وبسبب فشل عملية التنمية الاقتصادية طيلة اربعة عشر عاما بعد التغيير، وخصوصا في مجال الطاقة، لم يكن وربما لن يكون، من الدول المستخدمة للطاقة المتجددة والنظيفة المتولدة من مصادره الطبيعية المتمثلة بالشمس التي لا تفارقنا طيلة ايام السنة، والرياح والمياه وجوف الارض وحتى النفايات التي تحتل شوارعنا يمكن ان تتحول الى طاقة لتوليد الكهرباء كما تفعل العديد من البلدان الأوربية فضلا عن الجارة تركيا .
ونعرف من المعطيات المتوفرة ان كمية إنتاج الطاقة في عام 1990 ، كانت 12 إلف ميكا واط، بينما كان الاستهلاك المحلي في ذلك الوقت 5800 ميكا واط مع حمل ذروة 7500 ميكا واط ، إلا أن العمليات الحربية التي قامت بها قوات التحالف قد استهدفت محطات توليد الطاقة وألحقت بها إضراراً كبيرة، وبسبب من الحصار لم يكن بالوسع إعادة بناء المنظومة وإجراء عمليات الصيانة كما ينبغي، فتدهورت عملية الإنتاج إلى اقل مستوياتها فكانت كمية الإنتاج في عام 2003 3300 ميكا واط، لكن الإنتاجية ازدادت بعد الاحتلال حتى وصلت إلى 4470 ميكا واط بواسطة إعمال الصيانة، واستمر الارتفاع التدريجي حتى وصل الإنتاج إلى 6818 ميكا واط في عام 2010، إلا إن حجم الطلب في هذا التاريخ وصل إلى 14 إلف ميغا واط مع حمل ذروة 20 إلف ميغا واط، وتقدر بعض الدراسات إن الحاجة في عام 2016 تقدر ب 40 إلف ميغا واط على فرض أن ماكنة الصناعة والزراعة تأخذ في الدوران بمعدلات نمو كبيرة، غير إن الواقع يشير إلى أن الإنتاج الحقيقي في العام الجاري لا يزيد في أحسن الأحوال عن 14 إلف ميكا واط بخلاف ما يصرح به الناطق الاعلامي لوزارة الكهرباء بان الطاقة التصميمية لمحطات التوليد تزيد عن 25 الف ميكا واط في الساعة اذا توفرت كميات الوقود من قبل وزارة النفط، والتي على ما يبدو اصبحت مهمة مستحيلة، وهو نفس التصريح الذي سمعناه في عام ٢٠١٣ الذي ادلى به نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة آنذاك .
ومع اننا لا نريد تحميل وزارة الكهرباء الاسباب الموضوعية التي اعاقت عملية النمو في مجال توليد الطاقة المتمثلة بالإرهاب وتداعياته على القاعدة التحتية و مشكلات الوقود مع وزارة النفط، لكننا لا يمكن ان ننسى ما يقال، ومن جهات رسمية، عن حالات من الفساد والهدر المالي في العديد من العقود وفي مختلف مفاصل الوزارة، وأبرزها العقود المبرمة مع شركات جنرال إلكتريك وسيمنس التي تحولت الى نكتة. لقد حان الوقت لمراجعة كافة المناهج والسياسات التي وضعتها وزارة الكهرباء التي ثبت فشلها، والابتعاد عن عبث التصريحات بشان خصخصة 70 في المائة في السنوات القليلة القادمة، عبر تجربة لم يثبت نجاحها، والقاء تبعاتها على كاهل المواطن العراقي المبتلي. ونقترح ما يلي :
1. وضع إستراتيجية جديدة تقوم على أساس التوجه الى استخدام الطاقة المتجددة والاستفادة من التجربة العالمية وخصوصا المانيا الرائدة في هذا المجال، واستغلال العناصر الطبيعية المتوفرة في العراق، وتحويل هذا التوجه الى ممارسة شعبية تستخدم في المنازل والمجمعات السكنية عبر نشر ثقافتها التقنية بمختلف الوسائل .
2. حل مشكلة الوقود من المنتج الوطني عبر التنسيق الكامل مع وزارة النفط، على ان تتولى وزارة الكهرباء تسديد استحقاقات وزارة النفط، والاستفادة الكاملة من انخفاض أسعار النفط والتخلص من الذبذبة في توريد الطاقة من إيران بسبب المستحقات المالية لصالح الأخيرة.
3. توفير ايرادات مالية من خلال تفعيل عملية استحصال أجور الكهرباء عبر منظوماتها الإدارية، والعودة الى السياقات القديمة بمنح نسبة من الأجور المستحصلة لصالح العاملين على جباية الأجور بنسبة مشجعة من المبالغ المستحصلة، بدلا من إسنادها لشركات غير مسجلة ولا تملك الضمانات الكافية .
4. معالجة الانخفاض في إنتاج محطات التوليد الحديثة التي تنتج بنصف طاقتها الإنتاجية التصميمية، والوقوف على أسباب الخلـل واعادة التفاوض مع الدول الموردة لمعالجة هذا الخلل، وتفعيل إعمال الصيانة بالاستعانة بالشركات المتخصصة .