اعمدة طريق الشعب

حماية زراعتنا من الاستيراد المنفلت .. ضرورة ملحة / ابراهيم المشهداني

تعد الزراعة احد اهم الانشطة والفعاليات الاقتصادية الرئيسة التي تسهم في تدعيم عتلات الاقتصاد الوطني سواء في مجال الانتاج المحلي الاجمالي او من حيث علاقتها في توطيد الامن الغذائي او في تخفيف وطأة الفقر الذي تزيد نسبته عن 30 في المائة ، وايضا في تحقيق التكامل مع القطاع الصناعي وتقليص حجم الاستيراد غير الممنهج وتحسين الميزان التجاري .
غير ان حساب الحقل غير حساب البيدر كما يقال ، فحينما سنت الدولة قانون حماية المنتجات الزراعية وعموم الانتاج الوطني رقم 11 لسنة 2010 ارادت تدعيم الانتاج الزراعي الوطني ومتطلبات المزارع العراقي لكن السياسة التجارية واللهاث وراء الارباح في هذا السوق ابت الا ان تكبح هذا النشاط وتعطل ادوات تنفيذ هذا القانون .فلم تكن احتجاجات فلاحي كربلاء وديالى وصلاح الدين وغيرهم في المحافظات العراقية الاخرى ، لم تكن لمجرد الاحتجاج وانما لظلم وقع عليهم جراء مزاحمة المحاصيل المستوردة منخفضة السعر بهدف اغراق السوق في نفس موسم جني المحاصيل مما ادى الى كساد محاصيلهم وتقويض جهودهم لعام كامل . ان كل ذلك تسبب في إتلاف منتجاتهم او القائها في مكبات النفايات او ان يصبح علفا للحيوانات في احسن الاحوال وهذا يدلل على وجود اياد خفية تفرض سيطرتها على السوق .
ان متاعب المزارع العراقي ومشاكله لم تكن خافية عن انظار الحكومة ووزارة الزراعة المسؤولة مباشرة عن متابعة نشاط القطاع الزراعي فهي تدرك قبل غيرها ان هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة يقف في مقدمتها قلة خصوبة الارض وغياب عمليات الاستصلاح ومشاكل السقي وتخلف وسائل الانتاج وغياب استخدام المكننة الحديثة وظاهرة التصحر التي ازاحت الكثير من الاراضي الزراعية وعمليات التجريف التي حولت جنس الارض الى احياء سكنية . هذه الاسباب وغيرها ادت الى تقليص الاراضي الصالحة للزراعة من 12 مليون هكتار اي 26 في المائة من المساحة الكلية للدولة الى 5,5 مليون هكتار اي 13 في المائة من المساحة الكلية للدولة ، بالإضافة الى مشاكل الطاقة وتراكم ديون المزارعين على الدولة لسنوات مما ادى الى عجزهم ماليا وعدم القدرة على اعادة مزاولة الانتاج ، وكذلك تراجع المبادرات الزراعية التي كان لها اثر واضح في تشجيع الفلاحين، فضلا عن تحمله تكاليف عالية نتيجة لارتفاع اسعار مستلزمات الزراعة من البذور المحسنة الى الاسمدة الكيمياوية وارتفاع اجور النقل، كل ذلك اثقل كاهل الفلاح العراقي وعدم قدرته على منافسة المحاصيل المستوردة فتحول العراق من بلد مصدر في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي حيث لم يشعر العراقيون خلالها بضعف الامدادات الغذائية قبل أن يتحول الى مستورد ومستهلك في ذات الوقت مع ما يتكبده من خسائر جراء خروج العملة الصعبة . نستخلص من كل ما تقدم ان على الدولة ان تعيد حساباتها في ادارة القطاع الزراعي كي يسهم في استعادة العراق عافيته ورسم سياسة جديدة تقوم على :
• بناء خطط استراتيجية علمية تتجاوز اسباب فشل الخطط الخمسية السابقة يكون القطاع الزراعي احد اعمدتها الرئيسة وان تأخذ بعين الاعتبار آراء خبراء الاقتصاد المتخصصين في مجال الانتاج الزراعي وآراء الفلاحين ومطالبهم واشراك قيادات الجمعيات الفلاحية التعاونية .
• اجراء مسح ميداني لجميع الاراضي الصالحة للزراعة وبضمنها الاراضي المطلوب استصلاحها .
• تنشيط عمليات الاستثمار المحلي والاجنبي وتقديم كافة التسهيلات المشجعة على الاستثمار وادخال المكننة الحديثة في الحراثة وجني المحاصيل والتشجيع على زراعة معظم الاصناف الزراعية كالقطن والعدس والذرة والدخن وكل ما يسد حاجة البلد من الاستهلاك الغذائي وما تتطلبه الصناعة دونما الحاجة الى استيراد المحاصيل الزراعية .
• توسيع برامج الارشاد الزراعي والحقلي بمختلف الوسائل وتوعية المزارعين بأساليب الزراعة الحديثة وادارتها ومكافحة الامراض التي تصيب المزروعات والاستعانة بالأكاديميات الزراعية من حيث البحوث والخبرة .