اعمدة طريق الشعب

نحو استعداد واضح لمؤتمر الدول المانحة القادم / ابراهيم المشهداني

منذ دخول داعش العراق في منتصف عام 2014 وتدنيس ارضه في ظروف كانت البلاد تعاني من صراعات سياسية من اجل السلطة والنفوذ ، وفي ظروف انتشار الفساد المتعاظم في مفاصل الدولة المدنية والعسكرية فضلا ضعف الاستعدادات والخطط العسكرية لحماية المدن من الهجمات الارهابية المتوقعة، كل ذلك أنتج في ظرف ما استحكام الارهاب في ادارة خمس محافظات عراقية تشكل ثلث مساحة العراق . ان الحرب على داعش وبسبب من الكثافة النارية الهائلة في هذه الحرب تم تدمير مدن بكاملها خاصة في الانبار والموصل القديمة ونسبة كبيرة من مدن اخرى ناهيك عن الخسائر الكبيرة التي تعرض لها المدنيون وتدمير عوائل بكاملها وانتاج كتلة بشرية من الاطفال دون رعاية اسرية في كارثة قل مثيلها . كل ذلك اضاف عبئا ثقيلا على كاهل الدولة وهي تعيش ازمتها الاقتصادية وفقر امكانياتها المادية بكل جوانبها وفشل اداري واضح في الكثير من القطاعات الامر الذي قاد الى قيام تحالف دولي يقدم الدعم والاسناد العسكري والمادي ويساهم في اعادة اعمار المدن المدمرة والاسراع في اعادة ملايين العوائل النازحة . وفي نفس الوقت تامين عودة الاستقرار الى المدن المحررة من خلال متابعة الفلول المبعثرة من بقايا الدواعش في عملية متوازية مع تلك الاستعدادات .
وفي اجواء الانتصار العسكري على الارهاب تنبري وسائل الاعلام لتعكس لنا يوميا تصريحات متفائلة من قبل المسؤولين العراقيين مبعثها استعدادات دولية ، بتقديم المنح والمساعدات من خلال مؤتمر الدول المانحة المزمع عقده في الكويت في شهر شباط القادم على غرار تجربة مؤتمرات الدول المانحة بعد التغيير في عام 2003 التي افضت الى تخفيض الديون العراقية وتقديم المساعدات في اعاد بنية بعض القطاعات المدنية . وبينت تلك التصريحات حاجة العراق لأعمار المدن المدمرة ، حسب التقديرات الاولية ، الى 115 مليار دولار .
وعلى فرض تحقيق هذا الرقم رغم الشكوك التي تكتنف هذه التقديرات فكيف سيتم انفاق هذا المبلغ الكبير في ضوء تصريحات لمسؤولين عراقيين ( ان هذه المبالغ ستدفع وفق المعايير الصحيحة وضمن نظام مالي وتنفيذي شفاف وكامل وان الايادي المخلصة والنظيفة ستاخذ دورها ولن يكون للغموض في عملية الاعمار مكان ) ( تصريح المستشار المالي لرئيس الوزراء ). لاسيما وبحسب المصدر ذاته فان خطة الحكومة واستعداداتها تتم من خلال ثلاثة محاور الاول يتمثل في محاربة الارهاب ، ثقافة وفلول ومحاربة الفساد والثاني في القيام بعملية الاعمار والبناء في نفس الوقت والمحور الثالث ان المبلغ المخمن لن يكون سائبا وان كل شيء سيوضع في مكانه الصحيح .
ومهما يكن من امر هذه المنح والمساعدات وما تتمتع به من اهمية فأنها ستواجه تحديات ليس اقلها منظومات الفساد المهيمنة على مراكز القرار فإنها تجد في هذه المبالغ هدفا سائغا تحاول الالتفاف عليه بأساليبها المعهودة كما حصل في ملف النازحين ، وشدة الدمار وسعته التي طالها الارهاب خاصة وان الاجراءات الحكومية في محاربة الفساد حتى هذه اللحظة بالرغم من التأكيدات ولكنها غير مقنعة للأطراف الدولية المستعدة لتقديم المساعدات مما يتطلب من الحكومة العراقية التخطيط الواضح والشفاف والاستعداد الكامل للتعاطي مع تلك الوعود ونرتأى الاتي :
• وضع اطار قانوني خاص بصندوق اعمار العراق الذي تم استحداثه لضمان ادارة كفوءة للمنح والمساعدات يتضمن كيفية ادارة هذا الصندوق بمراقبة فعالة واتخاذا الترتيبات اللازمة لانفاق المبالغ وسلامة اجراءاتها في الاماكن المناسبة لها .
• وضع خطة واضحة بتوقيتات زمنية محددة لإنجاز عملية الاعمار وهذه لا تكتمل الا من خلال الاعتماد على شركات عراقية واجنبية رصينة وتمتلك خبرات وتاريخ نظيف في عمليات الاعمار .
• ان عملية الاعمار لا تقتصر على اعادة اعمار البنى التحتية المدمرة وانما تشمل ايضا انجاز المشاريع المخططة لتك المدن والتي لم تنجز بسبب الاهمال او بسبب احتلال الارهابيين للمدن وتدميرها بنيويا ، لغرض ايجاد سوق عمل يستوعب اهالي تلك المدن .