- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 10 كانون2/يناير 2018 18:53
لفت الانتباه في اواسط ثمانينات القرن الماضي , بعد ان ظهر ممثلا بارعا ومثقفا من طراز نادر , وكان من الاوائل في معهد الفنون الجميلة. وفي الكلية بات الشاب مقرباً من مخرج مسرح الصورة صلاح القصب , واعتلى المسرح في اهم الاعمال الجادة , وتدرج للحصول على ارفع الجوائز في مسرحية اللعبة ممثلا وفي مسرحيات اخرى مخرجا موهوبا يحمل عمقا متفردا وحسا جماليا ورؤية مغايرة او مشاكسة , كما حصل في مسرحيات"الاقوى" و"قطط ". وخاتمة اعماله في العراق كانت مسرحية الحر الرياحي للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في منتصف التسعينيات والتي اخرجها بأسلوب مشوق وهي محملة بالشفرات الموحية في رفض الظلم.
وعلى اثر ملاحقات النظام السابق, انتقل الى عمان ليواصل نجاحاته في احدى اذاعات المعارضة وفي الكتابات النقدية والاخراج المسرحي مع فرق عربية كبيرة. اما الانعطافة المهمة في حياة هذا المبدع البعيد عن الاضواء, فهي اعماله المسرحية في السويد واوربا عموما وباللغة السويدية , ومشاركته في مسلسلات شهيرة وافلام عالمية. وكانت لي زيارة مثل الكثير من المثقفين العراقيين الى مالمو في السويد، لانبهر بشهرة ذلك الطائر العراقي وهو يشرف على مسرح بلدية مالمو وينظم المهرجانات ويوصل صوت العراق بروح وطنية خالصة عبر المسرح والفنون البصرية المتنوعة.
وقد لا يختلف كريم رشيد عن كوكبة رائعة من المغتربين المبدعين , بما لهم من عطاء ومثابرة وتقديمهم محاكاة واقعية عن بلدهم , لكن الغريب في الموضوع هو غياب الاهتمام الاعلامي والثقافي والحكومي عن منجز هؤلاء المغردين بحب العراق والذين يساهمون في تشكيل صورة مضيئة عن بلد منكوب استطاع الاعلام العربي خلق صورة نمطية سلبية عنه وعن ابنائه.
اقول هذا وانا اقرأ خبرا تناولته وسائل اعلام غربية وعربية عن تكليف الفنان العراقي المسرحي صاحب كتاب جماليات المكان في المسرح العراقي، تكليفه باداء دور مميز في فلم عالمي كبير يحمل عنوان ( دم ) يعرض هذه الايام في صالات السينما الاوربية وقد سبقته حملة موسعة نظراً لأهميته. يرافق ذلك اختيار كريم رشيد ليكون ضمن ستة كتاب سويديين متميزين.
وكان لهذا العراقي المثابر مشاركة تمثيلية في فلم الصحفي العالمي مورغان الذي حظي بنجاح باهر هناك , وها انا اتلقى هذه الايام العديد من رسائل العراقيين المغتربين وهم ينقلون فخرهم بانجزات ابن جلدتهم، ويلتقطون الصور مع لافتات الفلم المنتشرة في مدن اوربية، ومعلنين عن فرحة غامرة لان العراق مازال منتجا للجمال والابداع , وتحمل رسائلهم نوعا من العتب علينا لاننا لا نتابع او نسلط الضوء على تلك الاضاءات التي ترفع من هامات العراقيين، وترسخ قيم الهوية الوطنية في ظل سعي حثيث لتجسيد صور التضامن الوطني في مواجهة كل اشكال التشرذم او الانهزام او السلبية.
انها فرصة لإعلان الاعتزاز بمبدعينا وبمروجي ثقافة الجمال وحب الوطن .