ادب وفن

قطاع الاتصالات.. بين الواقع والطموح المنتظر / إبراهيم المشهداني

أخذت الاتصالات في عالم اليوم تستقطب ملايين البشر وهي تتسع يوما بعد أخر لما لها من إبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية وثقافية. ومن البديهي ان الاقبال على أجهزة الاتصالات في بلادنا يرجع إلى مجموعة من الأسباب يقف في مقدمتها حرمان العراقيين وعلى مدى عشرات السنين من استخدام أجهزة الهاتف النقال والحاسوب إلا بنطاق ضيق اقتصر على الأجهزة الأمنية والمخابراتية التي كانت تستخدمها لإغراض التجسس على أبناء الشعب ممن كانوا يحملون أفكارا معارضة للنظام والسبب الأخر يكمن في التخلف الشديد في الخطوط الهاتفية الارضية التي كانت مه?لة في زمن النظام السابق وازدادت إهمالا بعد التغيير بحجج مختلفة بعضها يتعلق بتدمير البنى التحتية جراء الظروف الشاذة التي كان البلد يمر بها حيث لم يزد عدد البدالات الارضية عن 331 في أحسن الحالات وبهذا فهي لا تسد الا نطاقا ضيقا من بغداد وبقية المحافظات وهذه الخطوط أخذة في الاندثار، ولكن هذا الإهمال لا يرجع الى قلة التخصيصات المالية كما يزعم البعض، بل إن السياسة الحكومية اتجهت إلى ما يسمى اقتصاد السوق وتمكين بعض الأشخاص في مراكز القرار باستثمار هذا القطاع والاستحواذ على شبكات الاتصالات وتوظيفها لمصالحهم الخ?صة في غياب التشريعات القانونية التي تنظم ملكيتها وتقديم خدماتها وقواعد عملها ومساحات انتشارها . حيث بلغت نسبة تغطية هذه الشبكات بين 45%و95% في عام 2011 من الأراضي العراقية فيما بلغ عدد الخطوط المفعلة من أجهزة الهاتف النقال أكثر من 3 ملايين خط وانتقل هذا الجهاز من طابع الاستخدام العائلي كما هو حال الخطوط الارضية إلى طابع الاستخدام الشخصي وغالبا ما يمتلك إفراد الأسرة كافة هذا الجهاز.
عند الإشارة إلى التزاحم في تملك أجهزة الهاتف النقال أو أجهزة الحاسوب وكلاهما من الوسائل التكنولوجية التي تدفقت إلى العراق بشكل لافت أخيرا، فإننا في هذا المقام توخينا الإشارة إلى الأهمية الاقتصادية واللوجستية والثقافية الكبيرة التي رافقت دخول هذه التكنولوجيا وهي نتاج موضوعي للعولمة حيث التعامل بها الأن وعلى نطاق واسع في التعاملات التجارية والمضاربات المالية وتقنيات التصنيع المدني والعسكري وهذه الحاجات أدت إلى تعاظم الطلب على الأجهزة الالكترونية بمختلف نماذجها وموديلاتها الأمر الذي أدى إلى تطور صناعاتها على ?لمستوى العالمي واشتدت المنافسة بين الشركات العالمية المنتجة لها مما أدى إلى سرعة تطورها وانخفاض أسعارها بحيث أصبحت متاحة إمام الجميع بمن فيهم أصحاب الدخول الواطئة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان تزايد الطلب على أجهزة الهاتف النقال والحواسيب أدى في ذات الوقت إلى زيادة تكاليف استخدامها حيث ازدادت أسعار الخدمة وفي نفس الوقت ازدادت أسعار الأجهزة التي تتطور مواصفاتها سنويا بسبب سباق التنافس بين الشركات المصنعة. ومن الطبيعي إن التطور في صناعتها فتح طرقا مبتكرة لتسرب معلوماتها وبين الشركات المصنعة من تحاول تطوير صنا?تها بما يسمح لها بسرقة المعلومات ايا كانت درجة أهميتها فالأجهزة المخابراتية الدولية تسعى لتوظيف أية معلومة من اجل وضعها في خدمة برامجها التجسسية وليس مثال سنودن الذي كشف أساليب التجسس على زعماء العالم بعيدا عن هذه المحاولات حتى أصبحت من الفضائح الدولية الكبرى التي أعادت النظر في مستوى العلاقة بين الدول .
لكل ذلك يتعين إعادة النظر من قبل الحكومة في التعامل مع هذه الخدمات من خلال منظومة اجراءات منها :
1. إصدار التشريعات الضرورية التي تنظم العلاقة بين شركات الهاتف النقال وشبكات الاتصالات من جهة والمواطنين المستخدمين لهذه الاجهزة من جهة أخرى بوجهة ضبط الأسعار ومنع التحايل على المواطن ووضع العقوبات اللازمة في العقود المبرمة مع هذه الشركات .
2. دخول الدولة كمنافس لهذه الشركات أو شريك معها من اجل ضبط الخدمة من حيث النوع والكلفة ، وفي هذا المجال ندعو إلى إعادة الصلاحيات إلى وزارة الاتصالات بدلا من هيئة الاتصالات والإعلام من اجل تمكين الوزارة لتطوير مشاريع هذا القطاع بهدف الاستخدام الأفضل للتكنولوجيا وخدمة القطاعات الأخرى .
3. ضرورة تفعيل الخطوط الارضية ومضاعفة البدالات الالكترونية لتكون منافسا للهاتف النقال وهذا ما معمول به في الدول المتقدمة التي تحاول حماية المواطن من المخاطر الناجمة عن استخدام الأجهزة الالكترونية ومضاعفاتها على الصحة العامة وتقليل كلف استخدامها.
4. تشديد الرقابة على أصحاب الانترنيت وشركات الهاتف النقال وإلزامهم بإعلان الأسعار بواجهات محالهم ومكاتبهم وتسهيل ايصال الشكوى إلى الجهات الرقابية في حال التجاوز على الأسعار .