- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 18 آب/أغسطس 2016 19:29
الشعر العربي الفصيح والعامي أو الشعبي, لهُ أغراضه الروحية التي تعبر عن معاناة الشعوب, وللشعر الشعبي قوة جذب حيوية مع الشعر الفصيح بجميع أنواعه لما فيه من حيوية, ولهذا كان يمتلك أرضية جماهيرية انتقل من جيل إلى آخر عن طريق الكلمة المعبرَّة الصادقة التي دخلت قلب المتلقي.
وقد صدر عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل (معجم الشعراء الشعبيين في الحلة) للكاتب والباحث محمد علي محيي الدين (أبي زاهد), الكتاب بأجزائه الثلاثة جمع فيه الباحث الكثير من أسماء وأعمال الشعراء الشعبيين, حيث احتوى على أكثر من (180) ترجمة لشعراء مدينة الحلة, والكتاب بأجزائه الثلاثة تضمن أكثر من 1500 صفحة من الحجم الكبير الوزيري, لم يقسم الباحث محيي الدين هذا الكتاب على شكل فصول ولكن كان يحتوي على تراجم الشعراء الشعبيين ونتاجهم الأدبي, فقد تناول في الجزء الأول والثاني في معجمه الأدبي زهاء (125) شاعراً تناول حياتهم وقصائدهم وما فيها من المدلولات الشعرية الحديثة وموضوعاتها الاجتماعية والإبداعية, وقد تحدث الباحث في الجزء الأول عن دور جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي, وظروف تأسيسها وما لاقته من معوقات لإثبات وجودها, كما تناول المهرجانات التي نهضت بها هذه الجمعية منذ تأسيسها عام 2003م حتى إصدار الجزء الأول والثاني، أما الجزء الثالث فقد احتوى على أكثر من (58) ترجمة لحياة شاعر شعبي حلي مع أخذ أهم قصائدهم في هذا المجال.
وضع الباحث يده على جميع نتاجات الشعراء الشعبيين الحليين, ولهذا جاء الكتاب متوجاً في هذا المجال حيث دعم الباحث بكتابه هذا المكتبة الحلية والعراقية والعربية بمعجم كان من الصعب على الباحثين القيام به, وقد سبقهُ في هذا المجال الراحل محمد علي اليعقوبي في كتابه (البابليات) بخمسة أجزاء والباحث علي الخاقاني في شعراء الحلة ولكن كانت البابليات وشعراء الحلة في مجال الشعر العربي الفصيح لشعراء الحلة.
الحلة مدينة ولوده للشعر والأدب والثقافة والفن والتاريخ والسياسة, وأنا بدوري أشد على يد الباحث والكاتب لمنجزه الثقافي هذا في وقت كانت المكتبة الحلية والعراقية بحاجة ماسة إليه.
الباحث محمد علي محيي الدين كانت لديه دراسات عن مدينة الحلة الفراتية, التي أنجبت خيرة رجال الأدب بلغتيه الفصحى والعامية عبر السنين والأعوام المنصرمة, وما زال أبناء المدينة يتفاخرون بآثارهم ونتاجاتهم الأدبية, فمنهم من رحل ومنهم ما زال حياً يرفد مسيرة الشعر بعطائه الثر, والباحث محيي الدين بمعجمه هذا رفد مسيرة الشعر والشعراء وخاصة الشباب منهم بأسماء كان الكثير منهم في عداد المجهولين , هؤلاء الذين رحلوا ولم يعرف البعض من أبناء المدينة نتاجهم الشعري العامي الذي سيطلّع القارئ الكريم عليه من خلال هذه الدراسة لحياة ونتاجات الشعراء الشعبيين في مدينة الحلة.
الحلة كتب تاريخها البعض من أبنائها, وصورها شعراؤها بما يدور في واقعها وواقع أبنائها الذين يعيشون فيها, والشاعر يعتبر مرآة بيئته, ولكون الشعر الشعبي يدخل قلوب أبناء المدينة بدون استئذان, فأصبح مؤثراً في الساحة الثقافية في أيامنا السابقة واللاحقة, مع العلم أن في حقبة البعث سبعينات القرن الماضي قد حرّم ومنع تداول الشعر الشعبي لأسباب يعلمها المثقف والأديب في ذلك الوقت, بسبب التوجه اليساري للشعراء الشعبيين ولقامات عرفت في هذا المجال على مستوى العراق.
الشعر الشعبي دخل قلوب الناس بسبب صداه المؤثر لدى المتلقي من الناس الكادحين وهو يمثل واقعهم الحياتي والاجتماعي خلال الوعي المعاصر الذي مرَّت به مدينة الحلة. كنا نأمل من الباحث محيي الدين أن يجمع ويقسم تراجم الشعراء على ثلاثة أقسام حسب الأحرف الأبجدية (1- الرعيل الأول. 2- الرعيل الثاني. 3- الرعيل الثالث), والأخير ما زال يصول ويجول في الساحة الشعرية الآن.
الكتاب هو خدمة للحركة الشعرية الشعبية في عراقنا العزيز. وهو يمثل جهداً طيباً ينم عن نبل ما قدمه الباحث محيي الدين, ووفاءً لمدينته المعطاء وللشعراء الشعبيين, ومن الطبيعي أن يشوب بحثاً كهذا شيء من الهفوات بسبب صعوبة جمع نتاج الشعراء الشعبيين وصعوبة الحصول على المعلومة لنتاج البعض الآخر, ومع هذا فقد جمع الباحث محيي الدين نتاج الكثير من الشعراء وما زال مواظباً على إصدار الجزء الرابع والخامس من معجمه هذا.
الباحث محمد علي محيي (أبي زاهد) صدرت لهُ الكثير من الدراسات في مجال التاريخ والأدب منها ((أضواء على عملية الهروب من سجن الحلة. كاظم الجاسم ودوره في الحركة الوطنية. دليل الشعراء الشعبيين في الحلة. محطات من التراث الشعبي. الدارمي أو غزل البنات. رجال في ذاكرة الوطن. حكايات أبي زاهد. في الأفق الأدبي. كتب في الميزان)).
وأخيرا يعتبر هذا المعجم مساهمة في حفظ جانب من تراث مدينة الحلة, ويمكن أن يكون مصدراً مهماً لدارسي تراثها وتاريخها.