مدارات

من اجل تطوير قطاع المواصلات في العراق / إبراهيم المشهداني

يشكل قطاع المواصلات رافعة أساسية من روافع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهذا القطاع هو جزء من بنية تحتية في بلادنا ، كما هو الحال في بلدان العالم المختلفة ، لبناء روابط متينة بين مراكز النشاط الاقتصادي المختلفة. ويقاس نجاح هذا القطاع بمدى مساهمته في تحقيق الاهداف الاقتصادية وعمليات التنمية في الدولة، لذلك فان الدولة ورفاهية مواطنيها تتوقف ، من بين امور عديدة ، على تطور شبكة مواصلاتها .
غير ان قراءة في واقع هذا القطاع في الوقت الحاضر ، تعكس دورا بائسا في معالجة الخلل في الحياة الاقتصادية بسبب تردي القاعدة التحتية للبلاد، وخراب هذا القطاع يرجع الى الحروب العبثية التي شنها النظام في ثمانينات القرن الماضي، حيث عبثت هذه الحرب والياتها العسكرية ليس في الطرق الرئيسية البرية فقط بل بالمواصلات الجوية والبحرية ايضا . فقد كان الاسطول الجوي في العراق قبل الحرب يمتلك عشرات الطائرات الحديثة تتواصل في شبكة واسعة من الخطوط الجوية مع مختلف بلدان العالم ليس فقط في نقل المسافرين بل ايضا في نقل البضائع والسلع لحساب القطاع الحكومي والقطاع الخاص في الاغراض المدنية والعسكرية ونمت الموانئ الجوية قبل الحرب نموا مطردا وتحسن اداؤها .كما ان سكك الحديد التي يرجع تاريخها الى قرن من الزمن كانت فعالة بشكل كبير في نقل المواطنين والبضائع والمشتقات النفطية بين مختلف المحافظات بل كان لها شأن كبير بالإضافة الى ذلك في نقل المسافرين الى مختلف دول العالم من خلال قطار الشرق السريع (توروس) الذي يربط العراق بدول اوروبا عبر دول الجوار. اما الطرق البرية الاخرى في عمومها فمتخلفة بالرغم من وجود شبكة واسعة تربط بين مختلف المحافظات لكننا اذا استثنينا الطريق السريع ذي الجانبين الذي يربط العاصمة بغداد بالمنافذ الحدودية مع كل من سوريا والأردن والذي أنشئ في سبعينات القرن الماضي وتردت حالته في هذه المرحلة، فان بقية الطرق تعاني من التردي سواء من خلال اقتصارها على جانب واحد او رداءة تبليطها . وفي هذا المجال لا يمكن ان نبخس الطرق البحرية التي كان يملكها العراق حيث كان يملك 13 ناقلة نفط عملاقة و14 سفينة نقل بضائع وسفينة نقل مسافرين كما يملك اربعة مواني مهمة هي ميناء ام قصر وميناء الفاو وميناء خور الزبير بالإضافة الى ميناء البصرة النفطي ولهذه المواني مجتمعة دور كبير في نقل البضائع التجارية ونقل البترول الذي يشكل عصب الاقتصاد الوطني . ان هذا المرور السريع على واقع قطاع المواصلات يضع على عاتق الدولة مهمة اعادة ترتيب هذا القطاع من خلال وضع استراتيجية واضحة المعالم وواقعية التنفيذ .تتضمن المحاور التالية :
مراعاة حصة هذا القطاع الحيوي من الموازنات السنوية القادمة بما يلبي حاجاته التي تعكسها الخطط السنوية ضمن إستراتيجية سنوية اقتصادية مترابطة ومتوازنة في قطاعاتها المختلفة .
الاستفادة من قرار مجلس الامن في خروج العراق من الفصل السابع وانتقاله الى الفصل السادس بإعادة بناء الخطوط الجوية العراقية ورفدها بالطائرات الحديثة وإعادة تشكيل اسطولها الجوي والعمل على جذب الطيارين العراقيين الذين عرفوا بكفاءتهم العالية على مدى سنوات طويلة دون وقوع حوادث كما حصل في العديد من البلدان المتطورة .
تطوير أساليب النقل النهري وخاصة في العاصمة بغداد التي تواجه ازمة نقل عسيرة الحل في شوارع ضيقة نتيجة لتدفق ملايين السيارات المستوردة بطريقة لا تدلل على وجود خطة علمية اخذت بالحساب واقع الطرق المتردية في داخل العاصمة ومحدوديتها وتزايد النمو السكاني ، والسعي الحثيث من اجل تنفيذ مشروع مترو بغداد.
التخطيط لحملة واسعة لإصلاح الطرق البرية الواصلة بين مختلف المحافظات وذلك بإعادة تبليطها بطريقة فنية عالية الجودة وخاصة طريق بغداد الموصل وطريق بغداد كوت ميسان البصرة وإكمال المسافات المتقطعة من الطريق السريع بغداد البصرة وإيجاد حلول عاجلة لألغاز بوابات بغداد التي مضى عليها اكثر من خمس سنوات ولا زالت عبارة عن هياكل . وإعادة العمل بقياس اوزان حمولات ناقلات البضائع والمواد الإنشائية التي تزيد عن طاقتها التصميمية مما تكون سببا في تخريب الطرق .
معالجة التردي في خطوط سكك الحديد التي مضى عليها قرن كامل والتي تراجعت بعد الحرب العراقية الايرانية ولم نر الا هياكل لا تصلح الا في وضعها في اكوام الخردة المكدسة على طريق بغداد الموصل وفي ريف قضاء الطارمية مع ان العالم قد قفز خطوات مذهلة في هذا الميدان بخطوط تصل سرعتها الى 500 كم في الساعة .
التعجيل في حسم المشاكل التي ما زالت عالقة مع الشقيقة الكويت مما سبب تعطيل طرقنا وموانئنا البحرية وسببت انحسار بلادنا في زاوية ضيقة ظالمة وبالتالي تردي الخدمات البحرية.