مدارات

بريطانيا خارج الاتحاد الاوربي ما الذي سيحدث الان؟

طريق الشعب
انتهت عملية التصويت في بريطانيا لصالح خروجها من الاتحاد الاوربي، وهذا يعني ان على البريطانيين والاوربيين خوض جولة من المفاوضات الصعبة لبحث آليات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي.
الامر المؤكد ان عملية الخروج ستؤثر على الاقتصاد البريطاني وعلى سياسة الهجرة وغيرها من الامور المعقدة.
من الناحية القانونية لا يشكل التصويت ونتائجه التزاما للحكومة البريطانية حيث يمكنها من الناحية النظرية رفضه لكن ذلك يمثل انتحارا سياسيا لاية حكومة تقف بالضد من ارادة الشعب التي عبر عنها بالتصويت.
المادة 50 من معاهدة الاتحاد الاوربي تشرح اجراءات انسحاب احد البلدان الاعضاء، ومن بينها تقديم البلد طلبا رسميا بالانسحاب ثم دخوله بمفاوضات وتوقيع اتفاقية الانسحاب.
نتائج التصويت لا تمثل طلبا رسميا الذي يمكن ان تقدمه الحكومة البريطانية الجديدة خلال ايام حيث سيعقد اجتماع القمة للاتحاد الاوربي في 28 حزيران الجاري، او يمكن لها ان تنتظر شهورا عدة. فحسب المادة 50 يكون لبريطانيا مدة عامين للتفاوض على معاهدة جديدة تشمل تنظيم التجارة والهجرة والصناعة والزراعة.
افضل السيناريوهات المحتملة هو ان تتمكن بريطانيا من الحصول على منفذ للسوق الاوربية لا يختلف كثيرا عن وضعها الحالي. النرويج مثلا ليست عضوا في الاتحاد الاوربي لكنها ومن اجل الحصول على منفذ تجاري اضطرت على الموافقة على الكثير من الشروط الاوربية.
استقالة رئيس الوزراء البريطاني يمكن ان تؤدي اما الى حكومة محافظين جديدة تتبنى نتائج التصويت او ربما انتخابات جديدة.
التأثيرات الاقتصادية لعملية الخروج يمكن تحديدها، على المدى القريب، بدخول بريطانيا حالة الركود الاقتصادي. فانهيار البورصة البريطانية وانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني هي علامات بارزة في هذا الطريق.
اما على المدى البعيد، وخصوصا بعد استقالة كاميرون ستكون الحكومة البريطانية في موقف لا تحسد عليه خلال مفاوضاتها مع الاتحاد الاوربي. ومن المتوقع ان يمارس الاتحاد الاوربي ضغوطا شديدة يبعث من خلالها رسالة الى البلدان الاخرى التي يمكن ان تفكر في الخروج ايضا. او ربما لن يتمكن رئيس الوزراء الجديد من الموافقة على الشروط التي سيفرضها الاتحاد على بريطانيا لفسح مجال لهم للتجارة مع بلدان الاتحاد مما سيخلق صعوبات جدية امام التجارة والصناعة في المملكة المتحدة.
شركة نيسان لصناعة السيارات مثلا تقوم بانتاج سياراتها في بريطانيا وفقا لشروط السلامة وحماية البيئة التي وضعها الاتحاد الاوروبي مما يمكنها من بيع سياراتها في اوربا، اما الان سيكون من الصعب عليها القيام بذلك، لا بسبب الضرائب التي ستفرض على سياراتها فقط بل بسبب اضطرارها الى العمل تحت مواصفات جديدة الامر الذي سيكلفها الكثير، فهل ستستمر نيسان بصناعة سياراتها في بريطانيا ام تنتقل الى بلد آخر؟ والامر ينطبق على الكثير من الصناعات الاخرى.
التقديرات الحكومية تتوقع ان ينخفض الاقتصاد البريطاني بنسبة مئوية تتراوح بين 3.8 و7.5 عام 2030.
ان واحدة من اهم انجازات الاتحاد الاوربي هي حرية الحركة والتنقل لقوة العمل بين بلدان الاتحاد، حيث يمكن للمواطن ان يعمل ويعيش بحرية كاملة وبحقوق متساوية في اي بلد من بلدان الاتحاد. وحاليا هناك 1.2 مليون بريطاني يعيشون ويعملون في اوربا يقابلهم 3 ملايين اوربي يعملون في بريطانيا. كل ذلك سيتغير، خصوصا وان واحدة من اهم محفزات الخروج من الاتحاد بالنسبة للبريطانيين هو التخلص من هجرة العمالة من بلدان اوربا الفقيرة مثل بولونيا وليتيوانيا وبالتالي ستواجه بريطانيا ضغطا كبيرا لرفض الاستمرار بقبول العمالة من بلدان كهذه. وفي المحصلة ستواجه العمالة المتنقلة من والى بريطانيا شروطا جديدة بل ربما سيخسر الالاف من العمالة المهاجرة وظائفهم. ويتضح ان الامر لا يتعلق بقبول اللاجئين القادمين من الشرق الاوسط.
ثمة احتمال كبير بانقسام المملكة المتحدة بسبب خروجها من الاتحاد الاوربي. تشير الاستبيانات الى الرغبة القوية لدى اسكتلندا بالانفصال عن المملكة ولذلك اسباب تاريخية تعود الى زمن الملكة ماري التي اختفت في فرنسا خوفا من اغتيالها على يد الملكة اليزابيث، ومذهبية كون الاسكتلنديين هم من الكاثوليك وتربطهم بالفاتيكان روابط شديدة. كما ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي سيجعل الاسكتلنديين اكثر ولعا بالانفصال وانضمامهم كدولة مستقلة الى الاتحاد الاوربي. بمقابل ذلك ثمة رأي آخر يقول بان الخروج من الاتحاد الاوربي سيعزز الصلات بين اسكتلندا والمملكة على اساس ان رغبة الاسكتلنديين بالانفصال كانت بسبب انهيار اسعار النفط وخسارتهم الكبيرة جراء ذلك. وسنترك للايام لتثبت من الاقوى: الاسباب التاريخية والمذهبية ام الاقتصادية.