مدارات

الشيوعي الفرنسي يدعو إلى التصويت لصالح ميلينشون

رشيد غويلب
تمخض الاستفتاء الحزبي العام الذي أجراه، في عطلة نهاية الأسبوع، الحزب الشيوعي الفرنسي عن أكثرية لصالح التصويت لمرشح حزب اليسار الفرنسي جان لوك ميلينشون، الذي أعلن ترشحه لخوض سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية 2017 . وبهذا تجاوز الشيوعيون الفرنسيون فكرة خوض الانتخابات بمرشحهم الخاص.
ولكنهم سوف لا يكونون جزءا من حملة ميلينتشون الانتخابية، بل سينظمون حملة انتخابية على أساس برنامجهم ومنطلقاتهم الفكرية والسياسية. وصوت لصالح دعم ميلينشون 53,6 في المائة من المشاركين في الاستفتاء، مقابل 46,4 في المائة. وفي الوقت نفسه صوت 92 في المائة منهم لصالح استمرار الجهود الرامية إلى التوصل الى مرشح مشترك لقوى اليسار بالمعنى الواسع. وكان السكرتير الوطني للحزب بيير لوران قد طرح هذا المقترح في وقت سابق
وفي الأحد الفائت حسم معسكر اليمين التقليدي الفرنسي خياراته، وفاز في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية لصالح رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون. ويعتبر فيون الأكثر محافظة وحماس لنهج الليبرالية الجديدة وحرية السوق المنفلتة. وحصل فيون على 66,5 في المائة وبهذا أزاح منافسه آلان جوبيه رئيس الوزراء الأسبق وعمدة مدينة بوردو. وشهدت الجولة الأولى خروج الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي خالي الوفاض من الانتخابات التمهيدية.
وجاءت نتيجة استفتاء الشيوعيين مفاجئة ومغايرة للأكثرية التي خرج بها الكونفرنس الوطني للحزب ،المنعقد في الرابع من الشهر الحالي بمشاركة أعضاء المجلس الوطني للحزب، وأعضاء كتلته البرلمانية، ومندوبين يمثلون منظمات الحزب. وكانت أكثرية في الكونفرنس قد صوتت لصالح تسمية مرشح خاص للحزب.
وكان ميلينشون قد خاض انتخابات الرئاسة الأخيرة في عام 2012 كمرشح لجبهة اليسار وعلى أساس اتفاق تام مع الشيوعيين والقوى التي شكلت جبهة اليسار، وشكل في حينها مفاجأة الانتخابات حيث حصل في الجولة الأولى على 11 في المائة من أصوات الناخبين. والعلاقة اليوم بين الحزب الشيوعي الفرنسي وميلينشون مختلفة تماما، فليس هناك اتفاق سياسي بين الطرفين، ولهذا ستكون حملتهم الانتخابية منفصلة. وأعلن ميلينشون في شباط الفائت ترشحه للانتخابات منفردا ودون التشاور مع الشركاء الآخرين. وبدلا عن ذلك أسس حركة "فرنسا الجريئة" لخوض الحملة الانتخابية. ويعكس هذا خلافا واضحا مع تطلعات الشيوعيين، في التوصل إلى مرشح مشترك لأوسع تحالف يساري ممكن يضم كذلك الخضر والجناح اليساري في الحزب الاشتراكي، الذي يعارض سياسات الرئيس الفرنسي الحالي فرانسو هولاند.
وشدد الحزب الشيوعي الفرنسي على إن اتخاذه قرار التصويت لـ ميلينشون، على الرغم من الاختلاف معه جاء لخلق إمكانية "لتجميع اكبر قدر من الاصوات"، وأضاف الحزب "ان الشيوعيين سيواصلون جهودهم في سبيل التوصل إلى مرشح مشترك ، مع الاحتفاظ بموقفهم النقدي البناء والمستقل، والعمل من اجل الوصول إلى اوسع فضاء مشترك في الحملة الانتخابية والتأثير على طريق جمع أوسع القوى".
ويعود هذا التغيير في القرار بشأن الإجابة على سؤال صعب بشأن ما هو الشكل الأفضل لخوض السباق الانتخابي المقبل إلى تشتت قوى اليسار ووجود أكثر من مرشح. وليس من المتوقع ان ينجح احد هؤلاء المرشحين للحصول على القدر الكافي من الأصوات في المرحلة الأولى يؤهله إلى الانتقال إلى الجولة الثانية الحاسمة.
ولهذا فالتوقعات غير المريحة تشير إلى أن التنافس في الجولة الثانية سينحصر بين زعيمة الجبهة القومية الفاشية ماري ليبون، ومرشح اليمين التقليدي المحافظ فيون. واستطلاعات الراي المتوفرة تشير أيضا إلى ان الرئيس هولاند، او اي مرشح للحزب الاشتراكي سيحل ثالثا في الجولة الأولى. وان استمرار نهج الرئيس الاشتراكي هولاند لا يمثل بديلا حقيقيا لليمين المتطرف او اليمين التقليدي.
وبالتالي فان فرنسا مقبلة في انتخابات ربيع 2017 ، ما لم تحدث مفاجآت في المشهد السياسي الحالي، بالتوجه أكثر نحو اليمين وهذا تطور خطير سيمتد تأثيره إلى بلدان أوربية أخرى، ليعزز التحولات الجارية فيها لمصلحة اليمين.