مدارات

ألمانيا .. حزب اليسار يطالب بانتخابات مبكرة وحكومة بديلة

رشيد غويلب
قبل منتصف ليلة الاثنين أعلن الحزب الليبرالي الحر فشل المفاوضات التمهيدية لتشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، التي يشارك فيها الديمقراطيون الليبراليون الأحرار مع أحزاب الديمقراطي المسيحي، الاجتماعي المسيحي، والخضر. وبهذا تواجه المستشارة الألمانية ميركل الأزمة الأسوأ ، منذ 12 عاما. وبعد مرور قرابة الشهرين على اجراء الانتخابات الاتحادية، تواجه ألمانيا ظروفاً سياسية مشوشة.
فقد أعلن كريستيان لندنر رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي، انه بعد قرابة 4 أسابيع من المفاوضات التمهيدية، لم يتم التوصل إلى أرضية مشتركة لتشكيل الحكومة. وهو ما يعد شرط أساس لعمل أية حكومة.
وبعد فشل مفاوضات تشكيل ما يعرف بـ"تحالف جمايكا" نسبة للألوان التي تميز الأحزاب المشاركة فيها، والتي تماثل ألوان علم جمايكا، فان هناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة للتداول، منها العودة إلى تحالف الكبار بين أحزاب الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وهذا يمكن تحقيقيه حسابيا، ولكنه مرفوض من طرف الديمقراطيين الاجتماعيين، الذين يرون فيه تكريساً لأزمتهم، وربما استمراراً لهزائمهم الانتخابية مستقبلا، في وقت يبحثون فيه عن بداية جديدة، بعد الهزيمة القاسية التي لحقت بهم في الانتخابات الأخيرة.
كذلك تستطيع ميركل تشكيل حكومة أقلية بمشاركة الديمقراطي الليبرالي، أو الخضر، ولكنها ستحتاج إلى أكثر من 10 أصوات من الكتل الاخرى في كل تصويت برلماني، وهو أمر صعب التحقيق.
اما الخيار الثالث فهو إجراء انتخابات جديدة، اذ يمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان، واجراء انتخابات مبكرة في غضون 60 يوما.
وكانت الرئيسة المشاركة لحزب اليسار كاتيا كبينغ ، مباشرة بعد إعلان فشل المفاوضات، قد طالبت بإجراء انتخابات جديدة: قالت انه يجب "الآن" وباسرع وقت ممكن اجراء انتخابات جديدة"، لان العودة لتحالف الكبار"غير مرغوب فيه". وان اجراء انتخابات جديدة هو الرد المناسب "وسيبين إن نظام ميركل لا يمتلك القدرة على الاستمرار بعد الآن". وبعد فشل مفاوضات تشكيل الحكومة من جديد، حان الوقت للعمل من اجل بديل يساري.
من جانبه حمّل ديتمر بارج رئيس كتلة حزب اليسار المشارك،المستشارة ميركل جزءاً من مسؤولية فشل المفاوضات: "المستشارة جرّت البلاد إلى هذا الوضع"، وعليها إن تسال نفسها "ما علاقتي بما يحدث؟" ، واضاف انه لم يجر الحديث خلال اسابيع التفاوض حول"قضايا مركزية" مثل معاناة الاطفال الفقراء، او فضيحة "اوراق الجنة"، وان ما تعيشه البلاد هو أزمة حقيقية لا احد يعرف كيف ستنتهي.
وكان زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي قد أكد إن الفجوة بين حزبه وحزب الخضر عميقة، في حين إن التباين مع احزاب الاتحاد المسيحي كان يمكن تجاوزها، نظرا لتنامي التقارب السياسي بين هذه الأطراف. وهو لا يحمّل إي طرف مفاوض مسؤولية النتيجة، فجميع الأطراف سعت لتحقيق ثوابتها. وان المفاوضات لم تحقق حتى يومها الأخير التقدم المرجو، بل وتراجعت.
وقال رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي "بعد اسابيع، توصلنا الى وثيقة مليئة بتناقضات لا حصر لها، واسئلة مفتوحة، واهداف متضاربة". والقضايا التي تم التوافق بشأنها، كلفت الكثير من اموال المواطنين، وصيغت بشكل حلول وسطية شكلية. و"من الافضل ان لا تحكم ، من ان تحكم بطريقة خاطئة".
وانتقد الخضر اعلان الديمقراطي الليبرالي فشل المفاوضات، وكتب احد قادتهم اينهارد بوتيكوفر على موقعه في التويتر، إن لندنر" اختار التحريض الشعبوي، بدلا من المسؤولية السياسية تجاه الدولة".
وكان ملف الهجرة نقطة الخلاف الرئيسية في مفاوضات الاحد ، فاحزاب الاتحاد المسيحي والديمقراطي الليبرالي يريدون الحد من الهجرة، في حين يرفض حزب الخضر ذلك.واكد اندرياس شويور السكرتير العام للحزب الاجتماعي المسيحي، إن الخلافات امتدت لتشمل ملفات الطاقة والمناخ وسياسات التمويل، وجرت في شأن الأخيرة مناقشات مطولة.
وقال السكرتير التنفيذي لحزب الخضر ميشائيل كيلنر انه كانت هناك حاجة إلى أساس مشترك. ولذلك بذل الخضر جهودا جادة، لا سيما في ما يتعلق بمناقشة ملف الهجرة،ولكن الحزب المسيحي الاجتماعي والديمقراطي الليبرالي لم يكونا شركاء سهلين. وان اتفاقاً عاماً كان يمثل الشرط الاساس للدخول في مفاوضات رسمية لتشكيل تحالف حكومي.