مدارات

بيان صادر عن اجتماع الدورة السابعة للجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

أختتمت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي أعمال دورتها السابعة مساء يوم الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الأول 2013، وذلك برئاسة الأمين العام الرفيق عبد النبي سلمان، وقد استهل الإجتماع بوقفة صمت على روح الشاعر الوطني التقدمي أحمد فؤاد نجم الذي رحل عن دنيانا مؤخرا بعد مشوار أدبي وفني حافل غاص من خلاله بجرأة وتجرد ووقف الى جانب الفقراء والكادحين والشغّيلة في بلاده وأمته، وسخر قلمه ضد الظلم والاستبداد الذي يطال الملايين في عالمنا العربي والعالم، كما نعى " التقدمي" المناضل الكبير والرمز الأممي الشجاع نيسلون مانديلا الذي أسهم بالدور الأبرز مع مختلف القوى الوطنية والتقدمية في بلاده في القضاء على نظام الفصل العنصري الرهيب في دولة جنوب افريقيا، والذي كان مدعوما من القوى الاستعمارية والامبريالية عبر عقود طويلة من المعاناة والمصادرة لأبسط قيم وممارسات العدالة الإنسانية.

وقد ناقش الاجتماع الأوضاع التنظيمية وسبل الارتقاء بأداء ودور " التقدمي" على مختلف الأصعدة، كما تم تقديم استعراض موسع حول الدورة 15 للقاء الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية التي عقدت في الفترة بين 8-10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 في العاصمة البرتغالية لشبونه، الى جانب مناقشة مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد وتداعياتها على واقع العمل السياسي بشكل عام، والمهمات الملقاة على عاتق القوى السياسية والمجتمعية خلال المرحلة القادمة، على طريق إخراج بلادنا من أزمتها السياسية المستفحلة، نحو تحقيق المطالب العادلة والمشروعة لشعبنا باتجاه عملية التحول الديمقراطي المنشودة في البلاد، كما تمت مناقشة جملة التطورات الإقليمية الأخيرة، خاصة بعد التوقيع المبدئي على اتفاق مجموعة (5+1) مع جمهورية إيران الإسلامية بشأن قدرات إيران النووية وانعكاسات ذلك على الوضعين المحلي بصورة خاصة والإقليمي بشكل عام.
.
كما تمت مناقشة الوضع التنظيمي ومسار عمل القطاعات واللجان وتطوير الفعاليات والأنشطة داخل هياكل المنبر التقدمي وسبل تفعيلها، حيث تمت دعوة جميع الأعضاء للمشاركة في مختلف الفعاليات والمهمات الحزبية، كذلك تم التطرق الى أهمية التثقيف والتدريب وتطوير الكادر الحزبي بصورة أكبر عبر مختلف الطرق الممكنة بصورة تكفل خلق كوادر قيادية شبابية ونقابية ونسائية وميدانية تكون قادرة على الاضطلاع بمهمات ومسئوليات العمل الحزبي المنفتح على المستجدات ومواكبة متطلبات العمل الحزبي في مختلف وجوهه ومناحيه، وفي هذا الإطار تم الاتفاق على تشكيل لجنة مصغرة لوضع تصور أولي نحو مزيد من وحدة الحزب وتجميع طاقاته، على أن ترفع تقريرها وتصوراتها للجنة المركزية خلال اجتماع دورتها القادمة. كذلك تم التأكيد على مواصلة الدور الحيوي والمؤثر الذي اضطلع به "التقدمي" خلال الفترة الماضية في مجمل الحراك السياسي والتواصل الفاعل الذي قام ويقوم به مع مختلف الأطراف السياسية في البلاد. وقد تم تقديم شرح موسع لمختلف المهمات والمشاركات والفعاليات التي اضطلع بها المكتب السياسي واللجان العاملة فيه.

من جهة أخرى تم طرح الكثير من الرؤى والأفكار والتساؤلات التي من شأنها دعم وتطوير آليات العمل السياسي المعارض في البلاد، وجرى التركيز على ضرورة السعي مع القوى والشخصيات الوطنية لإبراز أهمية دور التيار الوطني الديمقراطي في الحفاظ على وحدتنا الوطنية التي باتت تتعرض للتشويه وبشكل غير مسبوق، تلبية لنوازع جهات وفئات تحاول الإستفادة من انفلات بعض أدوات التحريض الإعلامي تحقيقا لتوجهات ومصالح فئات انتهازية وأنانية ضيقة وخدمة لطموحات بعض القوى المتنفذة ذات المصلحة في ضرب اسفين لمقومات وحدة ومصالح شعبنا، وهي مسؤولية لا تحتمل التأجيل وتستدعي من كافة المعنيين القيام بأدوارهم بتجرد ومسئولية خدمة لمصالح شعبنا في الحاضر والمستقبل.

بعدها استعرض الرفيق الأمين العام مجمل النقاشات واللقاءات التي قام بها وفد المنبر التقدمي لمؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية، وما نتج عنها من توصيات ومواقف ورؤى تستشرف المستقبل والتحولات المنتظرة ورؤية الأحزاب المشاركة تجاهها، والتي عكست حرص المجتمعين الذين مثلوا أكثر من 77 حزبا ومنظمة موزعين على أكثر من 65 دولة حول العالم بقاراته الخمس، على تطوير عمل ودور منظومة الأحزاب المنضوية باتجاه كافة القضايا الكبرى عالميا ومسار وتطور الحركة الشيوعية والعمالية والتحديات والمصاعب القائمة في ظل استمرار تفاقم الأزمة العامة المستفحلة للرأسمالية بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية ، ما يطرح الاشتراكية كبديل موضوعي وتاريخي للرأسمالية ويستدعي استنهاض شعوب العالم للتوجه نحو بناء الاشتراكية مع مراعاة ظروف وخصائص كل بلد ومنطقة. وقد أجمع المجتمعون على ضرورة التفاعل معها عبر تنسيق وتوحيد مسار عمل وتوجهات الحركة عالمياً، وسبل التأثير والإسهام بقوة في تحقيق طموحات شعوب العالم في الاستقرار والتقدم ودرء مخاطر الحروب التي تنظر إليها قوى الإمبريالية كأداة لتخفيف حدة أزمتها وأداة لإعادة اقتسام العالم. وتم التأكيد على فضح وإفشال مشاريع الرأسمالية المتوحشة والتوجهات "النيوليبرالية" والاستعمار الجديد وإلحاق الهزيمة بتوجهات الفاشية والرجعية حول العالم.

كما توقفت اللجنة المركزية للمنبر التقدمي أمام التراجع الخطير للأوضاع الحقوقية في البحرين، وما رافقها من زيادة حجم الانتهاكات والملاحقات للنشطاء، وتنامي عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم وطبيعة وحجم الأحكام الصادرة بحقها، والتي تبقى في جانب مهم منها مؤشرا على طبيعة ما يجري في بلادنا خلال ما يربو على ثلاثة أعوام منذ بدء الاحتجاجات في 14 فبراير/ شباط 2011، وحجم الإدانات الدولية الواسعة لما تقوم به السلطات من تجاوزات وانتهاكات، والتي كان آخرها ادانة أكثر من 47 دولة في مجلس حقوق الإنسان العالمي في سبتمبر / ايلول الماضي للانتهاكات الجارية في السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف، حيث تمت مطالبة السلطات في البحرين بالالتزام بتعهداتها أمام المجتمع الدولي وبالتنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الانسان العالمي، كما دعا البرلمان الاوروبي من جانبه السلطات في البحرين لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مطالباً الدول الأوروبية بمعالجة الوضع المتردي في البحرين وإدانة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فيها، كما طالب بإلغاء أوامر صدرت مؤخرا من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بتقييد عمل الجمعيات السياسية واصفا إياها بأنها لا تساعد على بناء الثقة بين جميع الأطراف.
وتوقفت دورة اللجنة المركزية أمام حقيقة أنه في ظل استمرار الأزمة السياسية وتردي الأوضاع الأمنية، فإن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي دخلتها البلاد قبل العام 2011 مستمرة في الاحتداد، ما يجد تعبيره في تسارع وتيرة ارتفاع الدين العام مع كل ميزانية بحيث سيقترب، إذا ما سارت الأمور على هذا المنوال، من حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال أقل من عقد قادم من السنوات، الأمر الذي يهدد مركز البلاد المالي ووضعها الإتماني بالتدهور ويزيد من تبعيتها الاقتصادية والسياسية ويفتح ثغرات كبرى لمزيد من استنزاف اقتصادنا الوطني. كما تنعكس الأزمة وبالا في تردي أوضاع كادحي شعبنا في مختلف مجالات التشغيل والأجور والأسعار والسكن والتعليم والصحة. وفي مقابل ذلك يتيح غياب الرقابة الحقيقية الفاعلة للفاسدين استمرار العبث بمقدرات البلاد وارتكاب فضائح متزايدة كالتي تعكس التقارير الرسمية جزءا منها.

كذلك قدم الرفيق الأمين العام شرحا حول كافة اللقاءات التي تمت مع مختلف القوى والفعاليات السياسية ، وما ترافق معها من جهود كبيرة بذلها المنبر التقدمي بمعية قوى المعارضة الوطنية وعلى أكثر من صعيد، حيث جرى استعراض موسع لمجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، وما يرتبط بها من مخاوف حقيقية نتيجة الزيادة المضطردة في حجم وكثافة القبضة الأمنية التي تصر السلطة على الاستمرار فيها، دون أفق للخروج من هكذا وضع، ومن دون أدنى مبررات أو مسوغات مقبولة، حيث تزايدت خلال الفترة الأخيرة حدة وحجم الاعتقالات والمداهمات الأمنية وإغراق القرى والأحياء بمسيلات الدموع. وفي هذا السياق ناقشت اللجنة المركزية للتقدمي بشكل موسع سبل وآفاق الحل السياسي الشامل في البلاد، والذي بات أمراً ضاغطاً وملحاً لا يحتمل التأجيل والمساومات ويحتم على جميع الأطراف الالتفات إليه جيدا، خاصة بعد ما حصل من تراجعات بالنسبة لأوضاع البحرين السياسية والحقوقية والأمنية منذ الرابع عشر من فبراير/شباط 2011 والذي بات يمثل قلقا حقيقيا أضحى يلقي بظلاله بطرق شتى على حالة الاستقرار السياسي في المنطقة التي تعيش أجواء غير مواتية، ستنعكس حتما على السلم الأهلي ومصالح شعوب دول المنطقة، إذا لم تتم معالجتها بشكل يكفل تحقيق الاستقرار ويجنب منطقتنا والعالم مخاطر وتبعات الصراع الإقليمي والدولي.

كما تطرق الاجتماع لما جاء في التقرير التاسع على التوالي لديوان الرقابة المالية والإدارية من تجاوزات وسرقات وفساد وتسيب وغياب للمسائلة في مختلف وزارات وأجهزة الدولة التي غابت عنها المسائلة واسترخصت فيها الأموال العامة بشكل غير مسبوق، وكذلك الحال مع قضية الفساد الكبرى المعروفة بقضية البا- الكوا المعروضة أمام المحاكم البريطانية منذ سنوات كإحدى اكبر قضايا الفساد من نوعها والتي تظهر بوضوح حجم التلاعب بالمال العام وعلى أعلى المستويات الإدارية في الدولة، في ظل صمت مطبق للمحاكم البحرينية التي نأت بنفسها عن هذه القضية الهامة، وكذلك فعل مجلس النواب الحالي الذي عجز عن مجرد ملامسة هذه القضية التي تكبل أحد أهم المشروعات الصناعية بعقود خاسرة ومكلفة لأكثر من 44 عاما، وليس غريبا بعد هذا ان يتراجع ترتيب البحرين في مؤشر مدركات الفساد ليصل للمرتبة 57 عالمياً .

وفي ختام أعمال دورتها السابعة جددت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي دعوتها المستمرة بضرورة استفادة مختلف الأطراف السياسية في البلاد مما توفره البيئة السياسية محليا وإقليميا وصولا لتوافقات تفضي لحل سياسي ومصالحة وطنية شاملة، والسعي مع مختلف القوى المعنية لطرح مبادرة وطنية توافقية للحل السياسي الشامل الذي من شأنه أن يجنب بلادنا أن تكون تحت رحمة واملاءات أية قوى اقليمية أو دولية، وتحقيقا للاستقرار السياسي والاجتماعي المنشود وصونا لوحدتنا الوطنية التي يجب ان لا تكون مجالا لأية مساومات أو انحيازات أو محاصصة فئوية أو طائفية، والعمل على إخراج البلاد من حالة التأزم السياسي القائمة، مطالبة السلطة بضرورة التفاعل الايجابي مع ما تطرحه قوى المعارضة السياسية في البلاد من مبادرات مستمرة والعمل على تهيئة الأجواء كاملة أمام أيجاد حوار جاد ذي مغزى، تظهر من خلاله السلطات التزاما جادا ومسئولا تجاه كافة تعهداتها أمام شعبها وأمام المجتمع الدولي، وأن يكون المدخل لذلك هو التنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان العالمي في جنيف وفي مقدمتها إطلاق سراح معتقلي الرأي ووقف المحاكمات الجائرة والاعتقالات ووقف المداهمات والانتهاكات الجارية في القرى والمدن والأحياء وإدانة وتجريم كافة أشكال وممارسات العنف ومن أي مصدر كان، وأن تتحقق الإرادة السياسية الحازمة بعيدا عن أية استقطابات عائلية أو قبلية أو طائفية، من أجل إخراج البلاد من حالة التـأزم السياسي الراهنة نحو آفاق الحل السياسي الدائم الذي يجنب البلاد وشعبها الكثير من الخسائر والتراجعات، على أن تسارع السلطة للجم التحريض الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي ووقف العبث بوحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي، والمضي بمسؤولية لتحقيق شراكة وطنية حقيقية مع كافة القوى الوطنية الفاعلة نحو بناء مملكة دستورية راسخة الأركان والتوجهات كما بشر بها ميثاق العمل الوطني، تُعلى فيها قيم وممارسات العدالة وتقوم على تحقيق المواطنة ورفض المحاصصة السياسية والطائفية واحترام ممارسات حقوق الإنسان وتجريم كافة أشكال التمييز، والعمل على تكريس المسائلة والمحاسبة والشفافية، وترسيخ الحريات والممارسة الديمقراطية وقيم التسامح والعدالة الاجتماعية، ويتوقف فيها التعدي على المال العام وممتلكات الدولة وممارسات الفساد، عبر الحفاظ على ثروات البلاد ومستقبل الأجيال في دولة القانون والمؤسسات التي تحتضن الجميع بعدالة وإنصاف .

المنبر الديمقراطي التقدمي- البحرين
10 ديسمبر/ كانون الأول 2013