مدارات

الأبعاد الاقتصادية للقطاع الخزني / ابراهيم المشهداني

يشكل القطاع الخزني بنية اقتصادية ارتكازية استراتيجية مكملة لعملية النمو الاقتصادي، وله اهمية كبيرة في مجالات توفير الامن الغذائي واستمرار تدفق الطاقة لمختلف الاستخدامات المنزلية والصناعية ومادة اولية في مختلف العمليات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي.
غير ان الواقع الخزني في العراق لا يؤدي وظيفته كما ينبغي ولا يسد الاحتياجات الاساسية في بلد يؤمل ان يكون واحدا من البلدان التي تتعاظم فيه معدلات النمو سنة بعد اخرى نظرا للتدفقات المالية المتأتية من تصدير النفط بمستوى غير مسبوق ويتعين توظيف هذه الموارد من اجل خلق مصادر مالية بديلة. هذا الواقع ليس فرضية من افكار الكاتب وإنما حقائق تعززها الارقام الرسمية المتوفرة فعلى سبيل المثال لا يتوفر في العراق سوى 45 سايلو كما أن الإحصاءات المتوفرة تشير الى ان الطاقة الخزنية في عام 2011 كانت 3،6 مليون طن من الحنطة وال?عير وحوالي 470 الف طن من الشلب موزعة على معظم محافظات البلاد، أكثرها في نينوى حيث بلغت الطاقة الخزنية فيها 728156 طنا من الحبوب، واقلها في محافظة كربلاء حيث بلغت السعة الخزنية فيها 20 الف طن الا انها غير كافية لاستيعاب المنتج المحلي والمستورد خاصة وان هذه المخازن تتمتع بسعات خزنية متباينة تتراوح بين 10—150 ألف طن، وهذا العدد من السايلوات بسعاتها المذكورة لا تطمئن المواطن بتأمين غذائه وعندما نتحدث عن السايلوات لا نهمل المخازن الاخرى لوزارة التجارة المعدة للبطاقة التموينية ولم يكن التأخير في مفرداتها بمع?ل عن هذه الاشكالية التي وان كانت لها اسباب اخرى كالإخفاق في تنفيذ العقود الاستيرادية وغيرها، الا انها من الاسباب الرئيسية التي تؤخر وصول المواد التموينية الي المواطن، فضلا عن الخزن السيئ الذي يؤدي الى تعريض المواطنين الى المخاطر في الأمن الغذائي والأمن الصحي، وان ننسى شيئا من المضار فلن ننسى قضايا فساد الشاي والسكر والدهون وغيرها من الفضائح التي تحولت الى قضية رأي عام مما يشير الى اهمال في عمليات المخزون السلعي لاسيما و ان العراق تعرض لسنوات من الجفاف وتذبذبات مناخية ناهيك عن الازمة الغذائية في العالم الت? وصلت رياحها الى العراق من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وما ينطبق على خزن المواد الغذائية ينطبق على عمليات خزن الطاقة سواء المنتجات البترولية، البنزين وزيت الغاز والنفط الابيض والغاز السائل وتداعياتها على حياة المواطن ومن الممكن ان تتكرر هذه الازمة نتيجة لازمة اخرى مرتبطة بها تتجسد في هذه الاوقات بالحملات العسكرية والنتائج المترتبة عليها ان لم تكن في بغداد حاليا ولكنها شديدة في محافظات اخرى بينها الموصل والانبار وصلاح الدين حاليا كل ذلك يتطلب مراجعة جادة لسياسات القطاع الخزني لدرء للعواصف والأزما? غير المحسوبة والمفاجئة كالمجاعة وانتشار الأمراض وما سواها، ولغرض تحقيق امن غذائي راسخ وامن صحي وتامين الحاجات الاساسية من الطاقة من الضروري اتخاذ الاجراءات التالية :
1. العمل على التخطيط المنسق بين انتاج المواد الغذائية من الحنطة والشعير والرز وغيرها وتوسيع الطاقات الخزنية بالإكثار من بناء السايلوات ومخازن استراتيجية للطاقة من منتجات البترول آخذة بعين الاعتبار حاجة السكان الى هذه المواد ولفترة لا تقل عن ستة اشهر لمواجهة الظروف الطارئة الداخلية والخارجية.
2. تزويد وزارة التخطيط بالأرقام الواقعية المتعلقة بالتخزين السلعي والخطط والمشاريع ذات العلاقة بهذا القطاع من اجل الاستفادة منها في الخطط السنوية والخمسية التي تضعها الوزارة.
3. توسيع نطاق الاجهزة الرقابية للتأكد من توفر الشروط الخزنية المناسبة سواء خزن الحبوب او خزن الطاقة او الادوية والعقاقير الطبية التي تؤثر مباشرة على حياة الانسان العراقي حيث ان سوء التخزين تسبب في وقوع الكثير من الوفيات دون محاسبة المتسببين.
4. اصدار التشريعات الضرورية التي تساعد على تحصين المخزون السلعي ومحاسبة من يلحق الضرر بإتلاف الغذاء والدواء وهدر المنتجات النفطية او التلاعب بكمياتها وتفعيل العديد من القوانين ذات الصلة مثل قانون حماية المستهلك.