المنبرالحر

سوريا: مؤتمر جنيف_ 2 إمتحان للسلام ..!؟/ باقر الفضلي

واخيراً وجد مؤتمر جنيف/2 طريقه الى التنفيذ حاملاً بين دفتيه الكثير من تصورات الفشل والنجاح، حيث إفتتح المؤتمر جلسته الأولى الأربعاء 22/1/2014، وتبادل الفريقان كل ما في جعبهم من التهم المتقابلة، وظهر التباين بين الفريقين أكثر وضوحاً من خلال تبادل الكلمات من قبل الدول التي حضرت المؤتمر، ولم يجد المتابع من خلال تلك الكلمات ما يمكن إعتباره جديداً قياساً بما كان يعلنه كل طرف من الأطراف..!

وليس المرء هنا في وارد التفاؤل أو التشاؤم، أمام ما يمكن أن يحققه المؤتمر المذكور من نتائج مفترضة، فحقيقة ما أفرزته وقائع الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر، ومن خلال مضامين كلمات بعض رؤوساء الوفود، بات الإستقطاب أكثر وضوحاً في مواقف الأطراف المدعوة لحضور المؤتمر، حيث جاءت كلمات الدول الداعمة لقوى المعارضة، متناسقة كلياً مع طرح تلك القوى ، وكأنها كتبت من قبل مصدر واحد، لدرجة ظهرت فيه تلك الدول وكأنها طرف في الصراع السوري السوري، بل والأنكى من ذلك، انها تجاوزت في مقاصدها، ما يعتبر تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لدولة سوريا، بل وأبعد من ذلك، حين ربطت كل إمكانيات الحلول المرتقبة للملف السوري، بشروط أقل ما فيها، أنها تمثل خرقاً فاضحاً لمباديْ القانون الدولي، الأمر الذي يتنافى مع كون حضورها المؤتمر يأتي من كونها جاءت لتلعب دور الوسيط في التقريب بين وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، لا أن تكون في موقف المنحاز مع فريق ضد الآخر، ولعل ما جسدته كلمة رئيس الوفد الأمريكي للمؤتمر، يكفي وحده دليلاً ومؤشراً على طبيعة السيناريو المرسوم إبتداءً للنيل من دولة سوريا كياناً وشعبا..!؟؟(1)

الملفت للنظر أن يجري إختزال وفد المعارضة السورية على مجموعة " الإئتلاف السوري المعارض" ويجري تغييب طيف واسع من المعارضة السورية الوطنية في الداخل، وكأن الأمر لا يعنيهم، في وقت ظهر فيه وفد "المعارضة" في جنيف، وكأنه جزء من كتلة أمريكا وحلفائها ممن يدعون أنفسهم ب "اصدقاء سوريا "، ومنهم دولا عربية واخرى إقليمية مجاورة لسوريا، ولا غرابة أن يكون السفير الأمريكي روبرت فورد عراباً لجميع تلك القوى ومرشداً عاماً لمنظمة " أصدقاء سوريا "، التي تحاول أن تجعل من مؤتمر جنيف- 2 جسر العبور للوصول الى أهدافهم في إستكمال ما عجزت عنه فلول الإرهاب المصنعة من قبلهم طيلة أكثر من ثلاثة أعوام من الخراب والدمار، الذي أحاق بدولة وشعب سوريا، جراء ما إرتكبته وترتكبه تلك الفلول من جرائم وإنتهاكات لحقوق الانسان والشرائع الدولية..!!؟

ولعل من المفارقات المفضوحة في موقف المعارضة، هو المحاولة في التمسك بمقررات مؤتمر جنيف _ 1 ، بعد إختزالها في نقطة واحدة وتفسيرها بما يلتقي وإهداف تلك "المعارضة"، في فرض أجندة التحالف الأمريكي_ الغربي_ الخليجي، التي تركز فقط على هدف واحد ، هو إسقاط النظام السوري وتنصيب بديلاً من المعارضة، بما يعنيه "هيئة حكم إنتقالية"، الأمر الذي لن تتحدث عنه مقررات جنيف _ 1 ، وفقاً لما أشار اليه السيد لافروف وزير خارجية روسيا والضامن الثاني للمؤتمر، ووفقاً لبيان المؤتمر نفسه..!!؟ (2)

من هنا يبدو أن كل ما يحاول وفد "المعارضة" وهي بوضعها الحالي من التمزق، فرضه على مباحثات مؤتمر جنيف _ 2 ، لا يستقيم مع حقيقة الواقع؛ حيث كان صوت الوفد المذكور، مشدوداً بتبعية مطلقة للتحالف الأمريكي الداعم للوفد المذكور، ناهيك من أن الوفد نفسه جاء مبتسراً ولا يمثل كل أطياف المعارضة السورية المعلنة عن نفسها، ولا يمكنه أن يكون ناطقاً بأسم كل تنظيماتها المسلحة على أرض الواقع، بما فيها تلك المشتبكة في صراع مسلح في الداخل؛ هذا من جانب، ومن الجانب الآخر، فإن الوفد الآخر، فهو وفد متكامل في إعضائه وفي مهنيته، ويمثل وفداً لدولة تحضى بإعتراف الأمم المتحدة ولها وجود ممثل في مؤسسات الدولة وهيائاتها المختلفة، وبالتالي فإن تمسك "وفد المعارضة" المبعوث الى مؤتمر جنيف_2 بما يدعى ب "هيئة الحكم الإنتقالية " المشار اليه في مقررات جنيف _1 لا يمتلك سنده الشرعي والقانوني، الأمر الذي أشير اليه في تصريح السيد لافروف آنف الذكر، بل جل ما في الأمر، أن البحث في كل ما يتعلق بالتغييرات الدستورية ونظام الحكم وآليات الحكم، هي أمور سيادية، ومن صلاحيات الشعب السوري وحده، وهو الذي يقرر في النهاية وبإرادته ، وطبقاً لنظام الشرعية الدولية والقانون الدولي، ما يراه مناسباً لمصالحه، وليس إملاءً من جهات خارجية لا تملك سلطة الشعب بأي حال من الأحوال؛ فسوريا ما زالت دولة ذات سيادة ولها كل مقومات الدولة، رغم ثلاث سنوات من محاولات التحالف الدولي _ الإقليمي، وبكل أشكال وأنواع التدخل الخارجي، لتمزيق وحدة الدولة وكيانها السياسي..!!؟؟

فهل مع كل هذا الإستقطاب في المواقف، ومع كل الآمال المعقودة على دور الأسرة الدولية، أن ينجح مؤتمر جنيف _ 2 ، في إطفاء النار المشتعله بلا هوادة، خاصة وإن من أولويات مهامه، وقف جحيم الإرهاب المسلط على الشعب السوري، والذي بات ورقة يلعبها التحالف أعلاه بكل ما يمتلكه من قدرات وإحترافيه، رغم دعواته المتواصلة، بأن لا سبيل للخروج من أزمة الملف السوري، إلا بالطرق السلمية، أم أن التضليل الإعلامي، وحده كاف لذر الرماد في عيون الآخرين..!!؟(3)