المنبرالحر

الصوت لا يمنح للوعود/د. علي الخالدي

أنطلقت الحملة أﻹنتخابية في المجر في موعدها ، بسلاسة ، وهدوء وإنسيابية لا تحيد عن الشفافية والمعايير الدولية الدولية ،وعن قانون اﻷنتخابات واﻷحزاب السائدة في البلد ، ومع هذا فهي لم تَخلُ من التنابز الكلامي و إستعراض فشل حكومة اليمين الوسط ، والتراشق بين الكتل واﻷحزاب المتنافسة في مارتون الركض نحو قبة البرلمان . بعضها تَعْبر حدود المعقول بالنسبة لمفاهيم البعض من سياسينا بينما هنا يتقبلها القائم على السلطة و النواب برحابة صدر باعتبار مواقعهم في السلطة والبرلمان تطوعية . وإن تطير أحدهم من اﻷنتقادات ،فلن يسلم من إزدراء الرأي العام والصحافة ، باعتباره شخصا غير مؤهل لتحمل المسؤولية ، طالما لا يؤمن بثقافة النقد والنقد الذاتي . بجانب هذا ، ينشر الحزب نشاط مرشحيه ومساهماتهم في النقاشات داخل قبة البرلمان ، وما أتوا به من جديد لخدمة الجماهير بكل شفافية وموضوعية ، خاصة الذين يُراد ترشيحهم لدورة ثانية ، و يعرض ساعات غيابهم عن جلسات البرلمان ، وأسبابها ، مع برنامج المرشح أو القائمة ، المبني على ما يتناسب و الظروف اﻷقتصادية والسياسية ، ونسب إمكانية تطبيقه ، و وَيْلٌ لمن يخفي عن الشعب ملكيته ، ومصادر ثروته ، أو يتحايل في دفع الضرائب ، كما حصل لنائب رئيس الحزب اﻹشتراكي المجري كابر شيمون ، الذي وُجدَ في رصيده بأحد البنوك النمساوية ، مبلغ يقدر ب 240 الف دولار ، لم يعلن عن مصدره ، فاثيرت ضجة تناولتها الصحافة ، أدت به الى اﻷستقالة من منصبه ، كعضو في مجلس النواب ومن الحزب واﻹعتكاف في البيت إنتظارا للمحاكمة ، أذكر هذا وأنا أطرح سؤالا ، لماذا يتطير سياسيونا من النقد على غياب تحركهم لخدمة من أوصلهم لموقع المسؤولية ؟، ويستغلون مواقعهم السلطوية للتنكيل بالمنتقد ، وأغلبهم لم يعلن عن ذمته المالية . متى يخضع سياسيو بلدي والراكضون الى قبة البرلمان ، لمقاييس المنافسة الشريفة والشفافية واﻷخلاقية التي أهم صفات مرشح ممثلي الشعب ، في الوقت الذي يستخدمون فيه شعارات دينية ، ويتبجحون بورع ديني ، و بميراث حضاري ومهنية أكاديمية غير معروفة المصدر ، ويكيلوا الوعود البالونية في حملاتهم اﻹنتخابية ليستميلوا بسطاء الناس؟

في السادس من نيسان القادم سيخوض اﻷنتخابات، عدد من الكتل واﻷحزاب وشخصيات مجرية ، يتصدرها في المواقع اﻷمامية حزب اليمين الوسط الحاكم -الفيدس- ، وما سُمى بتكتل اﻷحزاب اليسارية المشكل من أربعة أحزاب إنسلخت من الحزب اﻷم الحزب اﻹشتراكي المجري المتهم ببيع المجر للإحتكارات اﻷوروبية . فإتفقت في هذه الدورة اﻹنتخابية على برنامج موحد بعد أن هدأت موجة التنابز والمهاترات وتم التكتم على الخلافات ، التي كانت تلعلع في الصحافة المقروءة والمسموعة ، الى جانب حزب اليمين المتطرف ، ذي النزعة العنصرية و الفاشية للأقليات وبصورة خاصة الغجر.
يتسابق المرشحون وأحزابهم لنيل أصوات المقترعين، حوالي 4 ملايين 120 الف من سكنة الشوارع . عبر برامجهم اﻹنتخابية التي تعالج مشاكل التنمية اﻷقتصادية وأﻹجتماعية . فالحزب الحاكم الذي يسيطر على تلثي عضوية البرلمان ، أجرى تخفيضأً في سعر الوقود (الغاز والكهرباء ) ، إستفادت منه مصانع وشركات رأسمالية الكبرى ، أعتبرت دعاية إنتخابية مكشوفة ، بينما يطالب عامة الناس بالحد من التصاعد المستمر لسعر لتر البنزين ، بإعتباره يمس بصورة مباشرة أجور نقل السلع اﻷستهلاكية والمواصلات ، وبخفض الضرائب المرتفعة ، التي تحد من قوتهم الشرائية

في إجتماع حضرته من باب حب اﻹطلاع صرخ أحد الحاضرين ، بوجه مرشح اليمين الحاكم ، نريد المكاسب التي سرقت منا ، وبدأ بعدها وسط تصفيق المجتمعين ، كإنخفاض أسعار المواد الغذائية والحليب المجاني للأطفال ، واﻷصطياف اﻷجباري للعاملين والسكن الشبه المجاني و....الذي كانوا يتمتعوا به ظل النظام اﻹشتراكي .
يؤكد حزب العمال الشيوعي المجري ، المنادي بالعدالة اﻹجتماعية والتي إفتقدها الشعب المجري إثر التحول الى إقتصاد السوق ، يُشاطره بعض اﻷحزاب اليسارية على ضرورة رفع القوة الشرائية للمواطن كعامل لتحريك اﻷنتاج القومي ، محذرا من إرتفاع وتيرة الفقر في المستقبل القريب ، عند سقوط ورقة التوت من سيطرة اﻷستثمارات اﻹجنبية على حركة السوق المحلية بعد إنسحاب ( الشركات المستثمرة ) منه ، كما حصل لبعض دول وسط أوروبا ، عندما إنضمت الى منطقة اﻷورو، باحثة عن أسواق فيها اﻷيدي العاملة أرخص ، مما سيرفع البطالة ، وبصورة خاصة في معامل صنع السيارات ، وهذا هو وراء عدم تحمس المجر للإنضمام لمنطقة اﻷورو حاليا.

تنادي نقابات العمال وحزب العمال ،بأعادة ملكية الدولة للمصانع والشركات التي خصصت بعد إعتماد إقتصاد السوق ، والتي وفرت السيولة المالية وقتيا للحكومة ، نفدت لسوء التخطيط والفساد ، فإنتشر الفقر والبطالة بين أوساط واسعة من شرائح المجتمع . أغلب اﻷحزاب أكدت في برامجها بما فيها الحزب الحاكم على إعادة الحياة الى المناجم والمصانع التي أغلقت ، وهم بهذا يعولون على مشاركة الجماهير صاحبة المصلحة بالتغيير ،باﻹنتخابات القادمة ، بإختيار اﻷفضل الذي يهتم بتوطيد السلم اﻷجتماعي ، ورفع المستوى المعاشي للناس.