المنبرالحر

طريق الشعب ... مدرسة الوطنية العراقية/ د.علي الخالدي

تلتحق صحيفة ، طريق الشعب ، بركب صحافة الكثير من اﻷحزاب الشقيقة في أقامة مهرجاناتها السنوية ، بعد أن كانت تسهر على فتح خيمتها في هذه المهرجانات ، اليوم تقيم مهرجانها الثاني الخاص ، بحلتها الجديدة ، وعلى حدائق (أبو نؤاس)، قرب نصب (شهريار وشهرزاد)، بمشاركة عدد واسع من الجرائد والمجلات العراقية ونحسب في المستقبل مساهمة صحف اﻷحزاب الشقيقة
يتضمن المهرجان الذي يستمر على مدى يومين، اقامة أكشاك للصحف العراقية المشاركة، وعقد ندوتين عن دور (طريق الشعب) و(الثقافة الجديدة) وأخرى عن حرية التعبير، مع استضافة شخصيات صحفية وفنية ومهنية، ترافقها حفلات تحييها فرق فنية منها (سومريون) و(طوزخورماتو) و(الفنون الشعبية)، فضلا عن قراءات شعرية منتخبة.
وعلى هامش المهرجان ستقام معارض ثلاثة للكتاب والكاريكاتير والفوتوغراف، مع توزيع جوائز بإسم (شمران الياسري) للصحافة و(كامل شياع) للتنوير و(هادي المهدي) لحرية التعبير. ( أعلاه مقتبس من موقع الحزب الشيوعي).

بهذه المناسبة ، لقد تعرفت عليها وأنا طالب في المتوسطة بلباسها السري المكتوب باليد في الخمسينات ، على ما أتذكر عن طريق زميلي متي عبد الله ( والده كان مدير مدرسة إبتدائية وزميل آخر والده شرطي لم يحضرني إسمه ، ) كنا تلتقي في حديقة على نهر الديوانية وأتذكر كنا نقرأ قصيدة أين حقي لبحر العلوم كنا نعرف من يمسك وبيده القصيدة يسجن ستة أشهر . وفي رحلتها العلنية اﻷولى ، سهرت على قراءتها ، وإحتفظت بأعدادها اﻷولى ( إذا لم تخني الذاكرة كانت تطبع بورق أسمر ). وعند غيابها أصبحت من المدمنين على قراءتها . لقد جذبتني مواضيعها المتماهية وهموم الشعب وبصورة خاصة الفقراء منهم من شغيلة اليد والفكر واعتبر نفسي لا زلت مدين . نعم أنا المدين اليها بكل شيء تعلمته منها من دروس في التربية الوطنية ، وخدمة الشعب . لقد رافقتني في غربتي وكانت تصلني اينما رحلت في بلدان أجنبية وعربية بقارات متعددة . كانت ولا زالت بلسم لمآسي بعدي عن الوطن ، تروي عطشي بسماع أخباره . كانت كالطائر تحط بين يدي في أي بلد مكثت به لأجل العمل . كانت تصلني بطرق مختلفة منها العلنية ومنها السرية ، ولا أبالغ عند قولي انها أول جريدة عراقية تدخل كوبا في أوائل السبعينات . حيث كان يرسلها الشهيد ، الطيب الذكر دكتور صباح الدرة ممثل أتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي لدى اتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي (وفدي ) ، وكان أول ما نشرته لي طريق الشعب كان ذكرياتي عن المهرجان التاسع لشبيبة العالم ، الذي عقد في صوفيا ، كدعاية للتحضير للمهرجان العاشر ، الذي عقد في برلين الديمقراطية .لا زلت أتذكر اسماء بعض المساهمين فيه وقد ذكرتهم في الريبورتاج ، مع صورة لوفد الشبيبة العراقية.

أتباها بطرق الشعب أمام رفيقي العربي الوحيد السوداني الجنسية حيث ساهمنا مع مجموعة من شبيبة العالم لمدة أكثر من عام للإطلاع على منجزات الثورة الكوبية في ظل الحصار الامريكي الجائر ( لا يزال قائم) ، وعند عودتي من كوبا ومواصلتي الدراسة ، تعلمت منها المراسلة الصحفية فنشرت لي تقريرا على صفحتها اﻷخيرة عن مساهمتنا كوفد إتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي بالمهرجان ، رغم الظروف القمعية . لا زلت أتذكر حيثيات ذلك التقرير ﻷني كنت أحتفظ بالعدد الذي نشر فيه، إلى أن فقدته مع تراثي العراقي في ليبيا القذافي . كانت تصلني الى أي مكان حللت به ، فإلى صنعاء كانت تصلني بطريق تدل على حنكة وذكاء موزعيها من الرفاق ، نادرا ما غابت عني طلعتها فقد كانت تصل وبشكل معقول حتى الى ليبيا القذافي صاحب مقولة ، من تحزب خان . ومع هذا كان أحد زملائي من الاطباء الليبيين معجبا بها لدرجة كان يأخذها مجازفا لبيتهم ليقرأها.
لقد درست منها الفكر الملتزم والثقافة الديمقراطية اللصيقة بقضايا شعبي ووطني ، ومنها تعلمت محبته وتبني قضاياه . أما على الصعيد الصحفي ، كانت مدرسة صحفية خرجت كوادر التزمت ضمير الشعب ، وهم حاليا يمارسون مهنتهم الصحفية في صحف شتى ، كانت سطورها تعبئ الجماهير وتحرضهم على مقارعة الدكتاتورية ، من أجل نظام ديمقراطي تعددي ، وبناء دولة القانون . شعاراتها تنبع من صميم حاجات الجماهير ، تدعو لتلبية مطامح كل فئات الشعب بكافة قومياته ومن ضمنها شعار ، الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان . لقد سجلت عبر صفحاتها مآثر شعبنا النضالية و عايشت ظروف السياسية والمعاشية الصعبة ، ولم تخضع ﻷية إغراءات مادية من أية جهة ، وكان الساهرون على إصدارها متطوعين لا يتقاضون غير الملاحقة وأﻷعتقال ، وفي علنيتها ، تحجب عنها نشر اﻷعلانات فيها ، وتحارب بكل الوسائل ، ولم يستطع قائد الفرقة اﻷولى على ما أتذكر كان يدعى حسين حصونة من وصولها الى عمال وفلاحي مدن وأرياف الفرات اﻷوسط والجنوب.
لقد كانت المعين الذي لا ينضب لتعزيز قيم التآخي بين مكونات الشعب العراقي فهي الناطقة بأسمه والمدافعة عن حقوق كافة قومياته وطوائفه . إنها اﻷولى في الصحافة الملتزمة.
منذ صدورها ليومنا هذا وهي تحافظ على ثقة الشعب ، فلا غرابة من أن تكون أول جريدة تتلقفها الجماهير ، بعد سقوط الصنم ، وتعود وبشكل علني ، ليستلهم منها محبو الوطن أصول الاخلاص له وللشعب ، في هذه اﻷوقات العصيبة التي تمر بها البلاد التي تعاني من انتكاسات منذ ولادتها ، فعبر ما تنشره يتعرى اﻷرهاب والفساد وتضع نهج محاربتهما ، كاشفة الظالمين والفاسدين ومبذري أموال الشعب ، وأعداء الحرية والسلم اﻷجتماعي ، وهي أذ تدعو الناس الى شحذ الهمم في بالمساهمة باﻷنتخابات القادمة وإختيار ذوي الكفاءة واليد البيضاء بغية التغيير ، ووضع بلدنا في المسار الصحيح الذي سيضعه التغيير على المسار الصحيح لتحقيق احلامنا في التنمية اﻷقتصادية واﻹجتماعية، في أجواء العادلة اﻷجتماعية المغيبة.
ستبقى طريق الشعب الغذاء الروحي والفكري التقدمي الملتزم ،الف تحية لمن سهر على مواصلة إصدارها ولمن ترك بصماته في سجل تاريخها النضالي من الذين غيبتهم الحكومات الرجعية والدكتاتورية ، والحاضرين منهم في الوطن والمنافي ، مع أطيب التحيات والتمنيات الصادقة للعاملات والعاملين فيها بالمزيد من النجاحات في تطويرها وهي تلبس حلة مهرجانها الثاني.