المنبرالحر

بطاقة الناخب بين الضمير والفتوى / الكرار حسن

باشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بتوزيع البطاقات الالكترونية للناخبين في بغداد والمحافظات بعد جهد وإنفاق أموال طائلة، محاوّلة الحد من عملية التزوير في الانتخابات البرلمانية لعام 2014. لسنا بصدد التوقف عند سلبيات اداء المفوضية في توزيع البطاقات الإلكترونية، لكن ما يثير الاهتمام هو تزايد إقبال المواطنين من أجل الحصول على هذه البطاقة، على الرغم من استيائهم من أداء الحكومة واستهتارها بالسلطة فهل هو دليل على وعي المواطن وإصراره على التغيير عن طريق صناديق الاقتراع ووعيه بضرورة المشاركة في الانتخابات على اعتبارها بذرة الديمقراطية وواجب وطني؟؟. أم هناك اسباب أخرى؟ بعد دخولي الى مركز توزيع البطاقات الالكترونية ووقوفي في صف الانتظار الذي عج بالمواطنين رجالاً ونساء اتضحت حقيقة الأمر، حيث اختلفت الناس في اهدافها لاستلام البطاقة، فمنهم من لم يشارك في أي انتخابات منذ سقوط النظام و الى اليوم لكن ما دفعه لاستلام البطاقة الالكترونية الحياء من المرجعية وليس من الضمير ومن دافع وطني ومن موقع الشعور بالمسؤولية، حيث يعتبرون استلام البطاقة الالكترونية هي واجباً مذهبي أو عقائدي وليس واجب وطنياً، ويعتبرون نداء المرجعية لهم بمثابة فتوى واجب الالتزام بها، وهناك مواطنون وقفوا لساعات في الطابور خوفاً من المستقبل اي أن المواطن يحصل على البطاقة الالكترونية من باب الاحتياط خوفاً من أن تعتبر الحكومة هذه البطاقة وثيقة رسمية في تمشية المعاملات أسوة بهوية الأحوال المدنية. ومنهم الموظفون في دوائر الدولة، وقفوا ساعات من التذمر والانتظار لغرض الحصول على تلك البطاقة خوفاً من قطع رواتبهم أو فصلهم من وظيفتهم، في حال لم يحصلوا على تلك البطاقة. اما البعض الآخر فهم أصحاب الوعي المتقدم والإصرار على ضرورة ممارسة هذه العملية الديمقراطية وأيماناً منهم بالتغيير، يدفعهم الحس الوطني الصادق. باعتقادي ان هناك أسباب دفعت بالمواطنين للتفكير بهذه الطريقة السلبية والنظرة الخاطئة عن الانتخابات، منها الاشاعات المغرضة حول أهمية البطاقة والهدف من الحصول عليها، فضلاً عن دور المرجعية في ندائها للمواطن بضرورة الحصول على بطاقة الناخب فقط دون التوعية بضرورة المشاركة في الانتخابات على اساس الدافع الوطني. ومن جانب آخر قلة الوعي لدى المواطن بأهمية هذا الموضوع نتيجة الاكتفاء بمتابعة التسقيط السياسي والاستماع الى الخطب الرنانة والمناكدات السياسية والرهانات والمزايدات وشراء الذمم, التي أدت الى استياء المواطن ونفوره من الساسة الموجودين بالساحة دون البحث عن البديل من أجل تحقيق مطالبه، كما أن ما يحدث اليوم من سوء الخدمات والوضع الامني المنفلت والفساد أخذ المواطن الى عالم آخر هو عالم التشاؤم والتفكير بكيفية النجاة مما يحدث بأقل الخسائر تحت شعار "الهم أضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا منها سالمين"