المنبرالحر

هل يحتاج الفرد المسلم الى أنسنه / د. ناهدة محمد علي

كنت أُتابع ذات يوم أخباراً عامة ولم تعد تهمني السياسية منها , بل بحثت عن ألأمور والمشكلات الإجتماعية الجديدة القديمة والتي يمر بها العالم العربي والإسلامي , وقد وصلني ( فيديو ) من أحد الأصدقاء يفضح فيه ما تمر به المرأة الأفغانية المسلمة من عذابات حيث الحب محرم والنظر محرم والسمع محرم والزواج قد يحدث بالصدفة , وكان هذا الفيديو يصور حادثة شاب وشابة أفغانيان يتعرضان ( للرجم ) لفترة طويلة ثم يُقتص منهما بإطلاق الرصاص عليهما وهما مكبلان , وقد وُضِعت الى جانبهما حفرتين لكليهما , ولا أعتقد أن هذا الشاب قد تجرأ الى أكثر من النظر , ولا أعتقد ايضاً أن الفتاة قد بادلته النظر وكيف يُعلَم ذلك والفتاة ( مُنقبة ) . ولم يكن هذا أسوأ ما رأيت فقد إطلعت على فيديو آخر لقناة ( الحرة ) العراقية يحكي عن عصابة نساء ( منقبات ) تبيع وتشتري الأطفال الرضع وأعتقد أنهم مُعدون للتصدير الى الخارج ومباشرة الى سوق تجارة البشر , لأنه وبحساب دقيق لا يوجد بين العراقيين من يتبنى الأطفال عن هذا الطريق بل هم يباعون الى سماسرة لأغراض ترويج الفساد ويُعدون ليصبحوا أعضاء في عصابات الدعارة أو العصابات المنظمة للتسول أو السرقة وقد يُقتل هؤلاء الأطفال لغرض بيع أعضائهم وربما يُربون ( كالخراف ) الى سن معينة لأجل الإستفادة من أعضائهم .
لقد قرأت القرآن جيداً والكتب السماوية الأخرى ولم أجد إطلاقاً دعوة لهذا أو ذاك , فَلِمَ يحمل هؤلاء المعممون والمنقبون راية الإسلام في يد والقتل المحرم في اليد الأخرى , وكيف يمكن أن يُحمل هذا وذاك وهما متعارضان , ولو كان سفك الدماء وسيلة صحيحة للدعوة لنجحت هذه الوسيلة , ولو كان ( النقاب ) صحيحاً لمنع المرأة الأفغانية أن تُقتل , ولمنع المرأة العراقية أن تَقتُل .
لو تساءلنا ما الحل هنا ؟ ما الحل والبعض منا قد حول إيمانه الى حزام ناسف .
أقول أن الإنسان قد يتعلم من الحيوان الكثير فهو يتصرف بطريقة فطرية متحضرة , لا يتقاتل على الطعام أو مناطق السيطرة وقد يطبق مبدأ البقاء للأقوى والأصلح لكن هذا المبدأ يُطبق لمصلحة القطيع , وهو لا يسمم المياه أو الطعام , وبينما يقتل الأسد فريسته ليأخذ منها ما يشبعه ويشبع صغاره ثم يأتي الذئب ليأكل المتبقي ثم يأتي بعده الضبع وبعده النسور ثم تأتي الحشرات لتنظف الطبيعة , لكن الإنسان يتقاتل ليحصل على أكثر من كفايته بالكثير , ويبسط ذراعيه وقدميه ليحصل على أكثر من المساحة التي يحتاجها بكثير , ويرفع كرسيه حتى يصبح كرسي الملك والناس لا يحتاجون الى الملوك بل الى أشخاص تعطي ولا تأخذ , والقائد عادة قدوة ومعلم شاء أم أبى وسيسير على خطاه الكثيرون وسيعلّمون أولادهم ماذا يعني نكران الذات , وسيعلمونهم ايضاً كيف يكونو بشراً تخفق قلوبهم إذا تألم أو جاع إنسان حتى ولو كان في أقصى الأرض وتردعه ألف كلمة ( لا ) قبل أن يغرز سكينه في قلب إنسان مثله وخاصة إذا كان طفلاً ضعيفاً أو إمرأة .
ضمن دراستي للنفس الإنسانية وجدت أنه كلما كان الفرد شجاعاً أكثر ونبيلاً أكثر كلما إرتفع أن يؤذي غيره أو يسلبه حياته أو طعامه , وأعتقد أنه بإطلاع بسيط على تأريخ القادة المسلمين الآوائل نجد أنهم كانوا ممن لا ترتفع أيديهم إلا على ظالم . وبمقارنة السلوك الإنساني والحيواني نجد أن الحيوان يطبق قاعدة ( كل شيء للكل ) والكل للواحد والواحد للكل , وكل قائد قطيع يدافع عن قطيعه وكل فرد في القطيع يساهم بالبحث عن الطعام والماء ويساعد في إطعام صغار أفراد القطيع وهذا ما تأكدت منه عبر الملاحظة والبحوث التي تخص علم نفس الحيوان . ولو لاحظنا أن مجتمعات الطيور هي مجتمعات متعاونة ومتسامحة في مواقع سكنها , فهي حينما يسقط المطر بغزارة تتقاسم المئات منها شجرة واحدة وتقوم بتدفئة بعضها البعض , إنها وببساطة تتصرف بالفطرة التي فُطرت عليها ويمكن للإنسان أن يعود ويتعلم منها , وقد يتعلم أن لا يتقاتل من أجل الطعام ولا يرميه في البحر ليرفع أسعاره وأن لا يأكل الطعام المصنع , وقد يتعلم ايضاً متى ينام ومتى يصحو . ولكي يتأكد القاريء بأني لا أُغالي علمت يقيناً بأن هناك إمرأة عراقية متسولة تحمل طفلاً رضيعاً محروق الجسد وكان يبكي ويتلوى ويصرخ بضراوة , وكانت تكسب به عطف المتصدقين , لم يكن طبعاً الوليد وليدها لأنه وبحساب بسيط لا يوجد أُم في الأرض تترك وليدها يتلوى من الألم لكي تكسب بصراخه بعض الدراهم بل لأحست بالوجع في جسدها قبل جسده , وكان هذا طبعاً أحد الأطفال المختطفين .
تُفزعني أحياناً فكرة حلول اليوم الذي قد يأكل فيه البشر لحوم بعضهم البعض , سيأكل القوي الضعيف وكثيراً ما أستبعد هذه الفكرة من خاطري , لكني حينما أرى على أرض الواقع ما يفعله الإنسان بالإنسان أجد أن هذه الفكرة قد طُبقت ومنذ زمن .