المنبرالحر

فلسطين: إنجازان وطنيان ..!؟/ باقر الفضلي

لقد كان يوم 23 من أيلول2011، يوماً فارقاً في حياة الشعب الفلسطيني، يوم إرتقى السيد محمود عباس رئيس الهيئة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، منصة الهيئة العامة للأمم المتحدة، معلناً تقديم طلب إنظمام فلسطين كدولة الى المنظمة العالمية، وبقدر ما لهذا اليوم المذكور من أهمية إستثنائية في حياة الشعب الفلسطيني، نستذكر ما قلناه بتلك المناسبة في مقالة خاصة، معتبرين فيها تلك الخطوة الجريئة، بأنها فقط .. بداية الطريق الصحيح في حركة الشعب الفلسطيني بإتجاه إستراد حقوقه المغتصبة، فقد أوردنا أهمية الحدث بما يفيد: [[ المهم في الأمر، وبعد هذه الخطوة الجريئة، وموقف التحدي المشروع الذي أقدمت عليه القيادة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة السيد عباس محمود، يصبح من البدهي، بل ومن المسلمات المبدئية، أن تتظافر جهود جميع أبناء الوطن الفلسطيني، الذي تلقى هذه المبادرة الشجاعة للقيادة الفلسطينية بالترحيب والإستبشار، في إنجاح وتفعيل هذه البداية الموفقة، عن طريق توحيد ورص الصفوف الوطنية؛ فبقدر ما تكون البدايات أكثر رسوخاً وتماسكا، بقدر ما تأتي الخطوات التالية أكثر ثباتاً وتوازنا، فالطريق الذي إنتهجته منظمة التحرير الفلسطينية في الثالث والعشرين من أيلول 2011، سيظل خالداً في مسيرة الكفاح الفلسطيني، بإعتباره البداية المنظمة لولوج الطريق الصحيح في حل معادلة الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي، ومن خلاله لابد أن تتجلى وحدة الصف الوطني، وتجاوز أي خلافات تقف عائقاً أمام هذه المسيرة..! ]](1)

وبقدر ما كان لذلك الحدث من إنعكاسات إهتزت لها كل من الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو في إسرائيل، يأتي الحدث الوطني الفلسطيني الجديد لإعلان المصالحة الفلسطينية، بين منظمة فتح ومنظمة حماس في 23/ نيسان الجاري(2)، بمثابة الصاعقة غير المتوقعة بالنسبة لحكومة إسرائيل نفسها، كما هو الدوار الذي أصاب السياسة الخارجية الأمريكية، لتعلن عن خيبة أملها في الجهد الذي تبذله بإتجاه مفاوظات السلام الفلسطينية _ الإسرائيلية..!!؟(3)

فما تحقق في 23/ نيسان/2014 في غزة، بين قيادتي المنظمتين ( فتح وحماس) بإعلان المصالحة، له من المغزى ما يفهم جميع تلك الجهات التي كانت تبني وتراهن على "الإنقسام" بين الفصائل الوطنية الفلسطينية، والتي كانت تتناسى، بأن الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، ليست فقط تهم تلك الفصائل وحدها، بقدر ما إنها قضية شعب بأسره، وهو وحده في النهاية، من يقول كلمة الفصل، طالما يرى بأم عينه، كيف يوغل الإحتلال الإسرائيلي بقضم الوطن الفلسطيني قطعة بعد أخرى ، من خلال الإستيطان المتواصل، وكيف يتضمر جزءه في غزة من ويلات الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة، وما يعانيه الألوف من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، من إستبداد وعنت السلطات الإسرائيلية، وكيف أن الحكومة العنصرية الإسرائيلية، تجد في إستمرار الإنقسام الفلسطيني الداخلي، ما يفتح أمامها كل وسائل وطرق التحكم بمصيره، من خلال الإمتناع عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بوقف الإستيطان، أو بحق العودة لفلسطينيي الشتات الى أرض الوطن..!!

لقد أثبت الشعب الفلسطيني، الذي إستقبل إعلان المصالحة بالتأييد والتهليل، عن موقفه السليم في مواجهته للتعنت وللغطرسة الإسرائيلية، وبات جلياً أمام حكمة قيادات الفصائل الفلسطينية، ومن خلال التجربة العملية، بأنه لا مناص أمامها، إذا ما أرادت المضي في كفاحها الوطني، لإسترداد حقوق الشعب المهضوم، والوصول به الى إقامة دولته الوطنية الديمقراطية، إلا من خلال توحيد الكلمة وجمع الصف الفلسطيني، وبث الحياة في منظمته الوطنية منظمة التحرير الفلسطينية، والوقوف وراءها، عن طريق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، بإعتبارها اللسان الوحيد المعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني، وممثله الموحد أمام المجتمع الدولي..!

أما ردة الفعل الإسرائيلية، ومثلها الأمريكية، ومحاولة ربط الإنجاز الفلسطيني المتميز للمصالحة الوطنية، بعملية "المفاوظات والسلام"، إنما يمثل مجرد ذريعة للتملص من إستحقاقات السلام، والهروب الى ألأمام، للتخلص من أي إلتزام قد تفرضه حصيلة المفاوظات على حكومة إسرائيل، في كل مايتعلق بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها خيار الدولتين؛ ولقد كان الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، في تعليقه على إتفاق المصالحة، واضحاً في التعريف بالموقف الفلسطيني من قضية السلام، الأمر الذي يمثل رداً حاسماً على كل التخرصات الأمريكية _ الإسرائيلية بهذا الخصوص، حيث ورد على لسان الرئيس الفلسطيني محمود عباس:[[ إن إتفاق المصالحة لن يتعارض مع جهود السلام. وأضاف في بيان في أعقاب الاعلان عن الاتفاق "لا تناقض بتاتا بين المصالحة والمفاوضات خاصة اننا ملتزمون بإقامة سلام عادل قائم على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية." ..!؟]](4)

فمهما يمكن أن يقال عن أبعاد الحدث التكتيكية أوالسياسية، فإنه يظل بمواجهة الفصائل الوطنية الفلسطينية، بمثابة إستحقاق تأريخي لا بد منه، وإن عملية إرجائه المستمرة، إنما تصب في مصلحة الطرف الإسرائيلي في أي حال من الأحوال، ورغم كل ذلك، فإن إنجاز إتفاق المصالحة على الصعيد الوطني، يظل شأناً فلسطينياً داخليا؛ أما ظلاله فإنها لا بد وأن تنعكس إيجابياً على صعيد الوطن العربي والمنطقة، ولا يسع المراقب، إلا التبريك والإشادة بهذه الخطوة الجريئة، مع الأمل بأن تتبعها تلك الخطوات التي تبعث على الإطمئنان، والتي تزرع الثقة في النفوس، وأن يجد الشعب الفلسطيني نفسه، واحداً موحداً على طريق إنجاز دولته المدنية الديمقراطية الموحدة..!
باقر الفضلي 2014/4/25
(1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=276880
(2) http://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=22663
(3) http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAEA3M0DA20140423
(4) http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAEA3M08Y20140423?sp=true