المنبرالحر

وجهة نظر في بعض العمليات الأمنية / إبراهيم المشهداني

ليس من باب المزاح والدعابة إن أدعو كل مواطن عراقي حريص على امن بلده وشعبه إن يتخذ موقف التقدير والإجلال إلى الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة واستخبارات وغيرها من أجهزة المنظومة الأمنية في دورها لاستتباب الأمن ومكافحة الإرهاب ؛ فليس سوى هذه الأجهزة من يكافح من اجل بسط سيطرتها الأمنية وتوفير الحماية للمواطنين والمؤسسات والمساكن وعناصرها كانت ضحايا الإرهاب ومنظمات الجريمة من اجل هذه القضية ؛ ولا يعيق أو ينبغي إن يعيق اتخاذ هذا الموقف حالات الفشل الامني في البلاد فمهما يكون حجم الانفلات الامني فان البلاد تبقى بحاجة ماسة لوجود جيش وشرطة وامن واستخبارات وهي وحدها التي ينبغي إن تحمل السلاح وتتحمل مسؤولية بسط الأمن في كل زاوية من زوايا الوطن ولا يجوز لغيرها من الأجهزة غير النظامية والمليشيات أن تتولى هذه المهمة مهما كانت الجهة أو الكتلة التي تقف وراءها في داخل الوطن وخارجه .
وعندما نتحدث عن الأمن المنفلت والموت الذي يلف بتلابيبه أرواح العراقيين المتمثل بالمفخخات والتفجيرات اليومية والاغتيالات بكواتكم الصوت بدم بارد وبطريقة احترافية غير مسبوقة لا ينبغي إن نحمل الأجهزة الأمنية وحدها المسؤولية بصرف النظر عن خطأ هنا آو فشل هناك آو فساد لهذا القائد أو ذاك ولا يمكن إعفاؤها من هذه المسؤولية لأنها الجهة التنفيذية الوحيدة المكلفة ببسط الأمن وضمان حياة الناس التي أصبحت ألان واكثرمن أي وقت مضى على محك هذه الأجهزة فان هذه الظواهر تتسع وتضيق بحسب جدية الأداء الحكومي العام وانضباط مؤسساته ومستوى الصراع بين الكتل الكبيرة التي تحكم قبضتها على مفاصل الدولة والحكومة في مختلف مؤسساتها . ودون ادنى شك إن الأداء الامني يرتبط بشكل مباشر بطبيعة السلطة القائمة والعلاقة بين أركانها وهي في واقع حالها علاقة هشة بكل المقاييس وهذا نتاج لأية قراءة للواقع السياسي الراهن واعتراف رأس الحكومة وشركائه . وإذا توخينا المزيد من عوامل هذا الانفلات فلا ننسى العوامل الاقتصادية المتمثلة بإيرادات مالية هائلة تبلغ في ميزانية عام 2013 أكثر من 114 مليار دولار ما تعادل ميزانيات خمس دول في الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل مما تشجع ذوي النفوذ من التسابق للاستيلاء على حصة الأسد منها ؛ واختلالات في البنية الاقتصادية وابرز نتائجها البطالة المتفاقمة بين الشباب الأمر الذي يدفع بالكثير غير المنضبطين منهم واليائسين بالتحول إلى أناس مأجورين خصوصا بوجود ميليشيات مدعومة من هذه الجهة أو تلك وتتحرك بحرية دون رادع وتنثر الأموال بلا حساب .يضاف إليها العوامل الاجتماعية المتمثلة بالجهل والعوز والانتقائية في توزيع الدخل وتعاظم النزعات العشائرية والمناطقية وهي مجالات يلوذ بها العاطلون وأرباب السوابق تتجمع في منظومات إرهابية وتجمعات للجريمة المنظمة وتتحول بقدرة قادر إلى كتل سياسية عالية الصوت في فضائيات مفتوحة على الجميع بدون ضوابط .
ولئن نلزم أنفسنا بالموقف الايجابي من الأجهزة الأمنية في تحقيق الأمن فان أسئلة عديدة تطرح على أداء هذه الأجهزة فمثلا لماذا تقيد الكثير من الجرائم ضد مجهول وهل يرتدي المجرمون طاقيات الخفاء ؟ أليسوا هم بشرا أم شياطين الإنس ؟خاصة وان الكثير من هذه الجرائم لا تبعد سوى أمتار عن السيطرات الأمنية التي إذا وقع حادث قتل قريب منها تضل دون حراك بحجة أنها مكلفة بعدم ترك مكانها فمن يلاحق القتلة إذن ؟وفي قراءة لاخر اإخبار العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم (الشبح) في محافظة الانبار التي شارك فيها بحسب(شفق نيوز) الجيش والشرطة والصحوات وخلاصة الخبر وهذا هو المهم ومدعاة للتساؤل إن قوة تابعة لحرس الحدود المنطقة الثانية وبالاشتراك مع الجيش العراقي تمكنت من مطاردة المجموعة الإرهابية بداخل العمق العراقي في مناطق المنايف والصمايف وقد استخدمت في هذه العملية الأسلحة كافة ولم يفصح المصدر إن كان الطيران من ضمن هذه الأسلحة والحصيلة طرد المجموعة الإرهابية باتجاه مناطق وعرة وبين المواد المستولى عليها منشورات لما يسمى بدولة العراق الإسلامية .وهذه العملية النوعية تركت لنا مجموعة من المجاهيل أولها هل تمت العملية استنادا إلى معلومات استخبارية وإذا كان الأمر كذلك لماذا لم تستطع القوة المداهمة من إلقاء القبض على هذه المجموعة بصورة مفاجئة وتركتها تفلت أليس العبرة في إلقاء القبض على الأشرار كي لا يمارسوا نشاطهم في أماكن أخرى وبالتالي ما قيمة الأسلحة المستولى عليها وما هي طبيعة المنطقة الوعرة التي يستطيع الاختباء بها الإرهابيون ولم تستطع القوة العراقية المهاجمة من الوصول إليها . والملفت للانتباه مثل هذه المطاردات حدثت في ديالى وجبال حمرين وفي محافظة نينوى والعديد من المناطق الأخرى فما الهدف من هذه العمليات أليس القبض على الإرهابيين أم الاستيلاء على ما تتركه هذه المجموعات مما ثقل حمله ؟ ألا يتطلب الأمر في مثل هذه الحال ؛الاهتمام بتحديد أهداف العمليات العسكرية ؛ متمثلة بإلقاء القبض على الجناة ؟ الأولوية في مهاجمة المجاميع المسلحة ياسادة ليس الأسلحة ؛ فسوق السلاح مفتوح على مصاريعه وتجار السلاح يتحركون بكامل حريتهم على المستوى الدولي والمحلي ولكن المهم بالنسبة لهذه المجموعة احتفاظهم بعناصرهم المدربة في معسكرات خارج البلد تمتلك كافة مقومات التدريب . القضاء العراقي هو الأخر محل تقديرنا وإعجابنا بالأشداء فيه الذين لا يخشون في أداء واجباتهم لومة لائم أيا كان منصبه في الدولة العراقية ويتوقف عليه الشيء الكثير في متابعة الجريمة والقصاص من المجرمين مهما طال الزمن ومهما كان حجم الضغوط فالعدل هو رسالة القضاء والإنسان هو أثمن رأس مال وضمان حياته وأمنه هو أولوية لا يسبقها هدف وليتذكر رجال القضاء كيف كان دور القضاء الايطالي في تصفية مافيات جزيرة صقلية في ستينات القرن الماضي حين اقسم احد القضاة الشجعان على إن يلقي برئيس العصابة في قفص الاتهام والحكم عليه بالموت نعم قال وفعل وفي السنين الأخيرة ظهرت معلومات إن جوليو اندريوتي رئيس الجمهورية الايطالية كان متعاونا مع تلك المافيات .لا يبقى أمامنا ونحن نتحدث عن موضوع معقد وشائك لدرجة تصعب الخوض في كل تفاصيله إلا ان نطالب الوزارات الأمنية قاطبة إن تعلن للجمهور كل ما توفر لديها من معلومات عن عصابات الجريمة ومن يقف وراءها ومن يمولها وعن أسلحة الكاتم وكيفية شيوعه في سوق السلاح بشكل واضح وشفاف وهذه المقاربة كفيلة بتنوير المواطنين وشحذ تعاونهم وخاتمة القول ليكن رجل الأمن أبا وأخا وابنا للمواطن إن أخطا عامله وفقا للقانون وان لم يخطئ أحسن إليه .