المنبرالحر

حكاية شركة / إبراهيم المشهداني

لكل شركة من شركات القطاع الحكومي حكايتها الخاصة، حكاية نسجت إحداثها الظروف التي مرت بها الشركة المعنية ,وهي وان تشاركت مع شركات أخرى في القطاع الحكومي في أوضاع وظروف متشابهة من حيث الإهمال والتردي طيلة الفترة الماضية، لكنها وبحسب طبيعة إنتاجها تتفرد في خصائص ذاتية تجعلها مختلفة عن الأخريات.
وحين نتأمل حكاية الشركة العامة للصناعات التعدينية وهي واحدة من شركات وزارة الصناعة والتي تحولت إلى شركة رابحة بعد سنين من الإهمال كالزوجة الناشز, هكذا أراد الملك بريمر ، فإننا ومن خلال حكايتها نسبر أغوار الصناعات التعدينية التي تحدثنا عنها في مقال سابق في نفس هذا المكان والذي قلنا فيه إن الثروة الشاخصة في العراق لا تتوقف عند البترول الذي تشكل إيراداته 95%من من مصادر تمويل الموازنات الاتحادية السنوية ، بل إن الأرض العراقية مخزن لانهاية له للكثير من الثروات المعدنية التي يتوقف عليها بناء الدولة لتكون قامة شاخصة بين دول العالم الغنية.
والشركة التي استهوتنا حكايتها تمتلك هويتين. فإما الهوية الأولى فتتجلى في الصناعات الإسفلتية وكيمياويات البناء الحديث وحققت في هذا المجال تقدما ملموسا آخذا في التوسع من خلال مصانعها في بغداد والبصرة ويمثل إنتاجها من (قير الاكساء البوليمتري) بأفضل وارقي النوعيات وإما الهوية الثانية فتتمثل في الصناعات التعدينية وذلك من خلال استغلالها الثروات المعدنية المطمورة في الأرض ومن ثم تحويلها إلى منتجات رئيسية أو وسطية تدخل في الصناعات الأخرى ولهذا تقوم كجزء من استراتيجيتها بالبحث المستمر عن الخامات المعدنية وسكراب المعادن..
وتدل المؤشرات الرقمية إن الشركة حققت نجاحات ملموسة من خلال تجربتها الإنتاجية في استغلال الأموال المخصصة لها ضمن خطتها الاستثمارية للسنوات السابقة في تنفيذ إعمال إعادة التأهيل والتمكن من تشغيل مصانع جديدة وبذلك تكون نظرية إعادة تأهيل الشركات الحكومية قبل تنفيذ مفهوم الخصخصة البريمري قد ثبت نجاحها في هذه الشركة حيث ازدادت وارداتها إلى 33مليار دينار عراقي عام 2013 مقارنة ب 16 مليار عام 2012 هذا إضافة إلى التنوع في منتجاتها، مما يتعين اعمام هذه التجربة على كافة الشركات الحكومية الأخرى سواء التابعة لوزارة الصناعة أو الوزارات الأخرى.
وعلى الرغم من هذا التحسن في أداء الشركة والتطور في إنتاجها كما ونوعا بما يجعل منتجاتها تضاهي المنتجات الأجنبية إلا أنها تواجه تحديات حقيقية تتمثل بضعف الإجراءات الحمائية لمنتجاتها فعلى سبيل المثال إن المضافات الخرسانية بأنواعها المختلفة التي ينتجها المعمل ذات مواصفات عالية وهي مطابقة للمواصفات الأمريكية إلا أن المعمل لا يعمل بطاقته الكلية حيث لا تزيد الطاقة الإنتاجية الحالية عن 3000 طن في السنة بسبب عزوف الوزارات عن شراء منتجاتها فعلى حين كانت الكميات من المضافات المستوردة في عام 2011 ،60 إلف طن فان الشركة لم تسوق خلال السنة سوى 70 طنا مما يقتضي مراجعة سياسة الاستيراد بما يكفل حماية منتجات الشركة وذلك بتطبيق قانون حماية المنتج الوطني ، وبوجه عام تغيير النهج الحكومي في التعامل مع القطاع العام.