المنبرالحر

مفارق دروب النضال/ د. علي الخالدي

عندما يقف المرء عند الخط الفاصل بين الخطاء والصواب ، بين المصلحة الوطنية والذاتية بين ما هو رئيسي وثانوي ، و يحتار في تشخيص الموقف الصحيح، بين خيار درء المخاطر ليكون الوطن حرا ، و إيقاف حالة تدهور حقوق شعبه بالتعافي والحياة الكريمة ، وبين إحتمال ضياع الوطن , فإن جراحه ، التي سببتها النكبات السابقة وما هو محتمل من ما سيحل به من مآسي ، وويلات أكثر وطأة مما كانت عليه على أيدي الغزاة الحاليين ، يبدأ مفعول ما تملي عليه مؤشرات أحساساته الوطنية ، ليتبصر طريق الحقيقة ، التي ترشده اليه، ويلات و آلام شعبه، وأوجاع الوطن، التي هي أكبر من جميع المصالح الطائفية والحزبية والذاتية ، فحتما سيختاركما إختار سومحاس شاندرا الهندي الذي ذكره الشاعر الكبير بابلونيرودا عند تطرقه للموقف الوطني ، فقد أمر هذا المناضل جنوده بالدر الى الوراء لمحاربة الغزاة البريطانيين، الذين حكموا عليه باﻷعدام ( دافع عنه جواهر لال نهرو وأنقذه من اﻷعدام ) وفي دفاعه عن موقفه هذا، كما أملاه عليه حسه الوطني، بأن اﻷنكليز جاؤا الهند كغزاة خالدين، وهكذا هو شأن داعش وأدواتها من فلول البعث المنضوية تحت إسم النقشبندية وبقية المنظمات السلفية، فقد جاءت ﻷحتلال العراق وحكم المناطق المسيطر عليها بنظام طلبان المتخلف ، ونسف كيان شعب، وتمزيق وطن والغاء كيانه جغرافيا . أفلا يكفي هذا الى شحذ الهمم ، ومشق السلاح لمقاومتهم ، كما فعلت القوى الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي عندما غلبت المصالح الوطنية والشعبية العليا، على مصالحها الذاتية الحزبية والذاتية ، وأمتشقت السلاح دفاعا عن ثورة الفقراء تموز المجيدة، من غدر ركاب قطار الشركات اﻹحتكارية العالمية والرجعية، بغية أيقاف عجلة تطور إنجازاتها ، بالرغم من أن تلك القوى كانت عناصرها معرضة للملاحقة واﻷعتقالات ، ومع شحة ما كان بين أيديهم من سلاح، سجلوا ملاحم بطولية يفتخر بها شعبنا، بدافع الشعور الوطني العالي الذي كان المحرك اﻷساسي لمحاولتهم ، درء الدمار والمخاطر المستقبلية، ( لو أنهم نصرو )، وهذا ما وقع . وتكرر الحافز الوطني والشعبي لنفس القوى ، عندما تقرر إعتماد الحرب كوسيلة ﻹسقاط الدكتاتورية، لمعرفتها المسبقة لما ستجره الحرب من خراب ومآس ومعاناة خلالها، وما ستمخضه من نتائج أوصلتنا الى ما نحن عليه الآن بعد حل الجيش والقوات اﻷمنية وتبني نهج المحاصصة الطائفية ، كل اﻷنظمة الشمولية التي سقطت لم تتجرأ أية قوة بأحداث فراغ أمني ، كما حصل في بلادنا.

إنني إذ أضع امام ا أصحاب القرار هذه المواقف الوطنية من تاريخ النضال الوطني للشعوب ، طامحا منهم الى إتخاذ العبر منها وبناء المواقف الجريئة في إتخاذ المواقف الصائبة في نصرة الوطن المجروح والشعب الذي جُرح بإهانة جيشه ، أن يعيدوا اﻷعتبار لكرامة هذا الشعب ، بتناسي كل ما من شأنه إعاقة تشكيل حكومة طواريء من كافة القوى الوطنية على أختلاف إتجاهاتها السياسية والمذهبية ، لتنهض بتعبأة كا الحريصين على وحدة الشعب ، للدفاع عن حياض الوطن من داعش ، وفلول البعث والقوى المعادية لمصالح شعبنا ، التي جاء بها تساهل النهج الطائفي في تلبية مطاليب الناس العادلة ، وفي ردم التناقضات الداخلية ، ولتضرب بيد من حديد على كل من غيب اﻹلتزام والمسؤولية العسكرية التي إمتازبها جيشنا الباسل .
إن اﻷوضاع الراهنة التي وضعتنا على مفترق الطرق تتطلب قبل كل شيء ، اﻷعتراف باﻷخطاء ، وأن لا تأخذ أحد العزة باﻷثم ، والدعوة الى النفير العام وإعتماد قوى شعبنا الخيرة ،باﻹعتماد على إمكانيات ما تملكه ، من دراية وكفاءة وطنية وعلمية للتصدي للغزاة، وخاصة من له خبرة في حرب العصابات من البيشمركة واﻷنصار، و كل من يقدم نفسه للدفاع عن الوطن، ومحاسبة من أهان الفكر العسكري العراقي، وعدم إعتماد أسلوب رفع النداءات للوحدة الوطنية ، بل إتاحة فرصة مساهمتهم على أرض الواقع، في إنقاذ الوطن من براثن داعش وحلفائها، فاﻷعتراف بالخطاء فضيلة ، وأتخاذ طريق الحق لمصلحة الشعب هو واجب وطني قبل كل شيء.