المنبرالحر

الجلسة الاولى لمجلس النواب والخرق الدستوري / حسين الزورائي

من اجل ان لا يخرق الدستور، دعا مجلس الرئاسة (المتمثل منذ وقت طويل بأحد نواب الرئيس خضير الخزاعي) لالتئام الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد الذي انتخب اعضاءه في نهاية نيسان 2014. وعلى ضوء ما جاء في احكام المادة 54 من الدستور ( يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسومٍ جمهوري، خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الاعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لاكثر من المدة المذكورة آنفاً).و بهذا الاجراء، رمى مجلس الرئاسة الكرة في ملعب الكتل السياسية، وجنب نفسه (الخزاعي و مجلس الرئاسة) مسؤولية خرق الدستور، في خطوة جريئة تحسب للخزاعي شخصيا و لرئاسة الجمهورية بشكل عام ،في تمسكها بالدستور، و كان عليها ان تكمل التزامها بحث الكتل السياسية على اللقاء و التشاور و التوافق على ترشيح من سيتولى الرئاسات الثلاث في البلد قبل الذهاب الى الجلسة الاولى، لكنها لم تفعل، او لم تتمكن من فعل ذلك، لاسباب منها تخص الرئاسة نفسها، فالخزاعي ليس الطالباني، و لا هو من سياسيي الخط الاول، و لا لاعبا رئيسيا في العملية السياسية (مع الاحترام لشخصه)، و المحاصصة وحدها من منحته هذا المنصب، كغيره من الذين يتقلدون المناصب العليا في العراق، فلم يكن متوقعا منه ان يؤثر في جمع و لم شمل الكتل و زعمائها للتوافق على أدنى ما يمكن لعقد الجلسة و السير قدما بأستحقاقاتها الدستورية بأنتخاب رئيس البرلمان و نوابه، و من ثم انتخاب رئيس الجمهورية، ليكلف بدوره رئيس وزراء (متفق عليه مسبقا) لتشكيل حكومته. اما الاسباب الاخرى التي لا تخص الرئاسة فهي كثيرة، و تأثيرها كان الامضى في انتاج هذه المهزلة التي نحن فيها الان.
التأم النواب الجدد في الموعد المحدد في الاول من تموز 2014 يوم الثلاثاء المنصرم في الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد، كأستحقاق دستوري. الغريب ان الحكومة قررت ان يكون ذلك اليوم عطلة رسمية في بغداد، ليس احتفالا او ابتهاجا، بل خوفا، و عادة ما يزوق الخوف الحكومي ليصطلحوا عليه (أحترازا امنيا)، يعني من اجل ان يجتمع 325 شخصا تتعطل مصالح كل الناس!! انها علامة لبداية غير موفقة لدورة سياسية جديدة في العراق. و المشكلة انهم اجتمعوا فقط لتسجيل اسمائهم بغية بدء استحقاقاتهم المالية و الادارية كالحصانة و الرواتب و الامتيازات الاخرى، و لا احد منهم او في هذا البلد كان لديه ادنى شك، بأنهم سوف يخرقون الدستور بجلسته الافتتاحية هذه، و لن يتمكنوا من احترام الجلسة بتنفيذ ادنى استحقاقاتها. بل الاسوء، انهم راحوا يتراشقون بأجندات معيبة ومخيفة ستطغي حتما على ادارة البلد في المرحلة المقبلة. كان عليهم ان يحضروا الجلسة و ينفذوا المادة 55 من الدستورالعراقي (ينتخب مجلس النواب في اول جلسة له رئيسا ثم نائبا اول ثم ثانيا، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر.)، و كلنا يعلم ان هذه الجلسة يجب ان لا تبقى مفتوحة حسب قرار للمحكمة الاتحادية في عام 2010 بعدم دستورية الجلسة المفتوحة.
فمن اجل استحقاق دستوري، ذهبوا لحضور الجلسة الاولى، وهم يعرفون انهم سيخرقوا الدستور في هذه الجلسة. هل كان احد يشك في ذلك!! ام ان الامر كان بديهيا!؟
لماذا اذا ذهبوا؟ لماذا يستمر هذا النوع من الضحك على الذقون، هذا الكذب و النفاق و الخداع، و هذا الترقيع الذي بات من ابجديات ادارة الدولة العراقية، و الى متى يستمر هذا الاستهتار بقدرات مجتمع و بلد مهم كالعراق؟ و من يتحمل المسؤولية؟ و كيف السبيل للخروج من هذا المأزق؟ أنها اسئلة، يجب ان تناضل طلائع المجتمع و قواه الوطنية من اجل الاجابة عنها عمليا.
لسنا في موقع نسمح لانفسنا فيه ان نثني على رأي المرجعية الشريفة، فهي اعلى شأنا من ذلك، و نحن ابناءها ورأيها دائما محل احترام وواجب، و بدل ان نثني عليه، علينا ان نترجمه الى عمل. و كانت رسالتها واضحة في هذا الشأن، مفاده انها دعت الكتل السياسية لاحترام الاستحقاقات الدستورية، و الانتهاء منها بأنتخاب حكومة جديدة تمثل كل مكونات المجتمع العراقي بدون تهميش لاي جهة او مكون من مكونات الشعب العراقي، و الذي يركز في دعوة المرجعية يرى انها واضحة لا تقبل التأويل، وان الخروج من الجلسة الاولى للبرلمان بهذا الشكل لم يكن مخالفا للدستور فقط، بل انه بالضد من توجيهات المرجعية و رغبتها، علاوة على انها بالضد من رغبة الشعب و مصالحه.
و هنا لابد لنا ان نحيي كتلة (الوطنية) وزعيمها علاوي، على الموقف الواضح من جلسة الافتتاح، والدعوة الواضحة التي اطلقوها في بيان يدعون فيه للتوافق على الرئاسات الثلاث قبل الذهاب للجلسة الاولى. و لما كان هذا الامر بديهيا، و دعوتهم هذه تتسق مع رغبة جميع المهتمين بالشأن السياسي، فأن تحيتنا لهم تأتي لشجاعتهم في تثبيت موقفهم، و لادائهم المنسجم مع موقفهم هذا، من خلال مقاطعتهم للجلسة عندما لم تتم الاستجابة لمنطق التوافق الذي لابد ان يسبق استحقاقات الجلسة الاولى. و عاجلا او اجلا، ان منطق التوافق هذا هو ما ستتأسس عليه انتخابات الرئاسات الثلاثة.
لا نعرف ان كانت الجلسة الاولى قد رفعت، علقت، أجلت، او ابقي عليها مفتوحة، لكنها بالتاكيد خلفت وراءها ازمات دستورية و سياسية مفتوحة، و كلما تتأخر اكثر، ستتأسس عليها ازمات اكثر على الارض يتحمل عواقبها المواطن المسكين، الذي هو اساسا المنتج لكل هذه الازمات بأعتباره (الناخب)، الذي فاز بأصواته، هذه الزمرة من تجار الحروب و الطائفية و الدم. أننا هنا نذكر فقط –ان نفعت الذكرى- و لا ننوي ادانة المواطن البسيط، فالشعوب لا تدان.
حفظ الله العراق و شعبه من كل مكروه....
و الله ولي التوفيق
3 تموز 2014