لظروف قاهرة ولتعرضي لأزمة نفسية وجسدية حادة، كادت أن تفقدني توازني، والتي أدت الى ازمة صحية عنيفة كادت ان تودي بحياتي، ولربما احدثت اعاقة جسدية مؤقتة، أتمنى ان أتمكن من تجاوزها ومن دون ان تترك اثار دائمة، بالرغم من أنها أحدثت شرخا عميقا، وجرحا بالغ التأثير، والذي ربما سيترك آثاره العميقة ... وسيحدث شرخا دائما للأسف الشديد .
وقد اثرت هذه الأحداث على قدرتي في متابعة كثير من الأنشطة وخاصة في المشهد السياسي، لعدم قدرتي على التركيز والمتابعة والتحليل، وبالتالي المساهمة وإن كانت متواضعة في الكتابة عن الأحداث المتسارعة والخطيرة في الساحة والمشهد العراقي، وفقدان السيادة على اجزاء من مناطق العراق ومدنه وقراه، وسيطرة قوى الأرهاب الظلامية المتخلفة والفاشية في نهجها وفكرها وفلسفتها، التي تقوم على الارهاب والقتل والمصادرة والطائفية السياسية والعرقية والدينية والمناطقية، وتريد العودة بالعراق الى عصر ماقبل الحضارة الأنسانية. هذا جانب ... والجانب الذي هو أكثر أيلاما وخطرا على وحدة العراق وشعبه وسلامة اراضيه، هو الصراع المحموم على السلطة والمال، الذي تمارسه وتنتهجه قوى الأسلام السياسي والطائفية السياسية، وبالضد من مصالح البلاد العليا، وبتشجيع ودعم وتمويل من الدول الأقليمية والعربية والدولية، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، والنشاط المدمر الذي تمارسه الميليشيات الخارجة عن القانون والتي تهدد حاضر ومستقبل العراق ووحدته وسلامته، وهو دليل على أنهيار الدولة ومؤسساتها وضعفها. وهذه الميليشيات تريد أن تملأ الفراغ وتحل محل الدولة في التحكم بمصير البلاد بشكل مباشر وغير مباشر .
ان عدم التصدي لهذه التنظيمات الميلشياوية المنفلتة من قبل الدولة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وبشكل حازم وواضح وشجاع، والتخلف عن هذا الموقف هو خيانة وطنية ومساهمة فاعلة في إذكاء أتون الصراع الطائفي وأشعال حرب طائفية، والتي ما فتأت ان اكتوى بلضاها شعبنا على امتداد سنوات عجاف، راح ضحيتها الالاف من الأبرياء من أبناء شعبنا بكل مكوناته وملله وطوائفه. ان الميليشيات لا تقل خطرا وارهابا وايلاما لشعبنا ولمصيره عن القوى الأرهابية التي تشيع الموت والدمار والخراب ومنذ سنوات، والذي يزداد ضراوة في هذه الأيام .
ان المراجع الدينية وبمختلف اديانها ومذاهبها، وفي مقدمتهم السيد علي السيستاني، على هؤلاء الإسراع في الأفتاء بتحريم نشاط هذه المنظمات الخارجة عن القانون والتي تساهم وبشكل فاعل في تعميق الشرخ الطائفي وتعميق الأنقسام المجتمعي. ان اعلان فتوى واضحة وغير قابلة للتأويل والتفسير والأجتهاد في حرمة نشاط هذه الميليشيات وبكل مسمياتها وألوانها وتوجهاتها من قبل هذه المراجع وبشكل عاجل هي ضرورة وطنية وشرعية وقانونية، وهو تأكيد على أن مراجعنا العظام ينظرون الى العراق كوحدة واحدة والجميع متساون في الحقوق والواجبات، وحماية الناس وأمنهم وسلامتهم هي من أنبل المهام التي تنهض بها هذه المرجعيات، ويتماشى مع مبادئ الأديان السماوية ومع قيم الدين الأسلامي الحنيف .
أن التعجيل بتشكيل حكومة وطنية وبشكل عاجل ومن أناس ذوي كفاءة وحرفية ومشهود لهم بالنزاهة والوطنية، وبعيدا عن التخندقات والأنتمائات العرقية والدينية والطائفية والحزبية، وبعيدا عن التجاذبات الحزبية والنفعية، حكومة مصغرة تأخذ على عاتقها اعادة بناء مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، والنهوض بالأقتصاد وتحريك عجلته ومحاربة الفساد وبكل اشكاله، ووفق برنامج تضعه على طاولتها ليكون مرشدا لها في انشطتها المختلفة، وتكون خاضعة لأشراف ومراقبة السلطة التشريعية، على أن تنفذ خططها وفق مدة زمنية هي التي تحددها، وتكون مسؤولة امام القانون والدستور ووفق الأطر التنظيمية المتبعة، ولا سلطة على هذه الحكومة غير سلطة الدستور والقانون. ومن أولى أولوياتها كذلك اجتثاث الأرهاب والارهابيين وتجفيف مصادر تمونه وتسليحه والقضاء على حواضنه. وهذا هو الطريق الوحيد للخروج من المستنقع الذي وضع العراق به ... والمثل يقول أول الرقص حنجلة.