المنبرالحر

تجارة البضاعة الرديئة تخريب للاقتصاد الوطني / ابراهيم المشهداني

تستقطب حركة الاتجار بالبضاعة الرديئة في الظرف الراهن اهتمام الرأي العام وخاصة الاقتصاديين وقلقهم من تأثير هذه الحركة السلبي على الاقتصاد العراقي الذي يعاني هو الاخر من اختلالات بنيوية عميقة .
فأولى تجليات الاستيراد العشوائي للبضائع هو التدفق الهائل للبضائع الرديئة من كافة الانواع ابتداء من المعلبات مرورا بالألبسة والمواد الغذائية والأدوات الاحتياطية للسيارات على اختلاف مناشئها وانتهاء بالأدوية لما لهذه الاخيرة من خطر مباشر على حياة الانسان العراقي وهذه مشكلة قاتلة ظهرت في السوق العراقية بعد عام 2003 حيث تحولت هذه السوق الى مركز لاستقبال اية سلعة مقلدة تنتجها شركات وهمية ومافيات وحتى بيوت غير مجازة لكن هذه السلع تباع بأسعار عالية كونها تحمل ماركات لشركات رصينة ولكن المنتج في حقيقته رديء جدا فبعض التجار العراقيين يجوبون مراكز صناعية متعددة باحثين عن سلع مكدسة منذ سنوات ومعدة للتلف فيشترونها بأسعار رخيصة وبيعها في السوق العراقية بأسعار عالية وآخرون يسحبون نماذج لصناعات مختلفة من ملابس وعطور وأغذية من دول اوربية وينقلونها الى الصين من اجل تقليدها ومن ثم ادخالها الى السوق العراقية لبيعها بأسعار خيالية وهي عملية سرقة في وضح النهار لمداخيل العراقيين وأمام انظار الجهات الرقابية الحكومية دون ان تتدخل وتتخذ الاجراءات الرادعة بحق هؤلاء الجشعين .
ومن جهة اخرى فان الاقتصاد العراقي يواجه اختلالا واضحا في ميزانه التجاري بالنظر للتركيز على الاستيراد الخارجي في مواجهة الطلب الاستهلاكي المتزايد بسبب الانفاق الحكومي الذي تجسده الموازنات التشغيلية السنوية يقابلها شحة التصدير الناجم عن ضعف دور القطاعات الانتاجية وخاصة في مجال الصناعة والزراعة فقد بلغت قيمة استيرادات العراق للسنوات السبع المنصرمة 230 مليار دولار وهذا الرقم يشكل عبا ثقيلا على الدخل المحلي الاجمالي مما عزز النزعة الاستهلاكية للمواطن العراقي وكل ذلك لم يأت صدفة لولا وجود مافيات تتحكم بهذا الشكل او ذاك في صناعة القرار الاقتصادي في العراق وإمام تجاهل الجهات الحكومية المسؤولة لما يجري من تلاعبات في مصائر المستهلك العراقي .
ومن الجدير بالذكر ان العراق يعد لاتفاقية انضمام العراق الى منظمة التجارة الدولية وتواجه هذه الاتفاقية معارضة شديدة من قبل قوى سياسية ومن قبل الاقتصاديين والقانونيين لان احكام هذه الاتفاقية لم تأت بإحكام متوازنة يراعى فيها مدى التفاوت الصناعي والاقتصادي للدول المنظمة الى المنظمة المذكورة كما انها لم تأخذ بالاعتبار قدرة المنتج او الصناعي العراقي على منافسة الدول الاكثر تطورا ما يؤدي الى اضعاف الاقتصاد الوطني .
وانطلاقا مما تقدم يتعين على الحكومة العراقية المنتظرة مراجعة السياسات الاقتصادية بشكل عام والسياسة التجارية بوجه خاص من اجل التخلص مما علق من السياسات الحكومية السابقة التي قادت الى اقتصاد عراقي هجين وتجارة منفلتة تتحكم بها مافيات لها علاقة بأوساط سياسية معينة وأجهزة حكومية متمددة بالفساد الى الحد الذي لم تترك مجالا للاقتصاد العراقي للانتعاش واخذ دوره الايجابي بين الاقتصاديات العالمية مع تشديد الدور الرقابي لمجلس النواب القادم وتنظيف الاجهزة الرقابية الحكومية مما علق بها من ادران فاسدة ، سبيلا لبناء سوق عراقي يلبي حاجة المواطن العراقي من سلع جيدة وإغلاق ملفات السلع الرديئة والى الابد .