المنبرالحر

ماذا يسمى هذا التحرك العسكري في بغداد*/ د. علي الخالدي

إنشد العراقيون في الداخل والخارج الى فضائية العراقية الناطقة بلسان الحكومة ، كما إنشد العالم المسيحي عشية إجتماع مجلس الكنائس في الفاتيكان ، الى مدخنة قبة الفاتيكان عند عملية تشخيص بابا جديد للمسيحيين الكاثوليك في العالم ، بغية رؤية نوعية الدخان الذي سيخرج من المدخنة ، فإذا كان أسود ، فهذا يعني لم يتم التشخيص ، و عند خروج الدخان اﻷبيض وهذا هو الغالب فيعني قد تم تشخيص بابا الفاتيكان ، فتدخل الفرحة نفوس مسيحي العالم ، ويبدأ اﻷعراب عنها بفعاليات تدخل الفرحة والسرور في نفوس الناس جمعيا . هذا ما كان يريد يتوقع شاكلته العراقيون ، خاصة بعد إنقضاء حاجز الزمن المحدد ﻷمتثال يفرضه اﻷستحقاق الدستوري في تسمية رئيس الكتلة اﻷكبر ، والتي أخذت من الوقت ما يكفي لكنس أدوات الدولة اﻹسلامية من اﻷراضي التي إحتلتها ، لكن من هذا القبيل لم يحدث ، فقد خرج علينا رئيس وزارئنا ، صابا غضبه على رئيس الجمهورية ﻷختراقه الدستور فيما يعنيه بشكل مبطن من عدم تكليفه بتشكيل الوزارة .
لقد خلت كلمته كسائر الكلمات في الفترة الماضية من ما يعانيه شعبنا العراقي من معاناة ما وصلوه اليها من ظروف تكاد تكون قريبة من جهنم، من تقصير على كافة المستويات ، وصل لحد تخلي القائمين على النظام من مسؤولياتهم في نصرة كارثة الموصل وسنجار وسهل نينوى مسببة محنة لما نفتخر به من مكونات شعبنا التي جملت نسيجنا اﻷجتماعي من المسيحيين واﻷيزيديين والصابئة المندائيين ، باني حضارة وادي الرافدين، والذين واصلوا مساهماتهم بروح وطنية عالية في بناء العراق قديما وحاضرا ، متحملين مع بقية المذاهب ما حل بعراقنا من ويلات وإختناقات ، إجتازها شعبنا بوسائل يفتخر بها أجيال مكونات نسيجه اﻹجتماعي .
بدلا من تحدث المسؤول اﻷعلى عن وصول السيل الزبى ، ويفرح الشعب بخروج الدخان اﻷبيض من شاشة تلفزيون العراقية ، بإنفراج عقدة رئاسة الوزراء ، ويدعو القائمين على مواقع القرار وصانعوه التوجه نحو التصدي لمعوقات تمدد الدولة اﻹسلامية ، وكنس أدواتها من اﻷراضي التي غزتها وقتلت كل من لا يبايعها ، وسبت نساءهم وبيعت في سوق النخاسة ، وجعلت كل ما يملكوه غنائم لهم بما فيها حفاضات وحليب اﻷطفال الرضع . نعم بدلا من ذلك واصل مندوبي المحطات الفضائية ، وقبل أنقضاء الفترة الدستورية لخروج الدخان اﻷبيض ، أخبار إنتشار مكثف لعناصر الشرطة اﻹتحادية وقوات مكافحة اﻷرهاب في مناطق الكرادة والصالحية , والمنطقة الخضراء المحصنة أصلا لحماية القائمين على النظام ، مانعة الخروج والدخول اليها . أما كان من المفروض أن يتم هذا الحشد الهائل لقواتنا . ﻷيقاف داعش والتصدي لغزوها إستجابة لتحضيرات الحريصين على وحدة وكيان العراق وسلم مكوناته اﻷجتماعية قبل هذا اليوم بأشهر . ما يثير العجب العجيب هو أن ما يحصل لنساء مكوناته من سبي وإغتصاب وبيع كأي سلعة لم يعد يهز مشاعر القائمين على مسؤولية حماية أمن المواطنين . فقد فقدت مجسات اﻷستشعار والتحسس بخطر الكارثة التي حلت في المناطق التي غُزيت . إني أتساءل لكوني أمتلكت دراية كافية بمغزى تحرك الجيش داخل الوطن منذ تسلط حزب البعث الفاشي على رقاب شعبنا ، على الرغم من أن حياتي العملية قضيتها في التعامل مع اﻷطفال ، في العناية الفائقة وخصوصا الخدج منهم ولم تسنح لي فرصة معرفة ماهية تحرك القوات اﻷمنية في بلد تحدب فيه الديمقراطية ، والشعب متمسك بصيانتها . فأسال الضالعين باﻹنقلابات ممن فروا أمام غزو داعش دون محاسبة ، لا بل كرم البعض منهم ، ويعيدوا بناء الجيش على مواصفات معينة دون محاسبة ، ماذا يسمون هذا التحرك؟

*كنت قد قد كتبت مقالة في 13 من شهر آب عام 2013مقالة بعنوان ولاية ثالثة لو أنقلاب نشرت في بعض المواقع