المنبرالحر

نحو موازنة للحرب والسلام / ابراهيم المشهداني

كل مجلس النواب لجنة مؤقتة لدراسة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية المعطل منذ تسعة اشهر وبحسب ما اعلن فان اللجنة قد اعادت المشروع الى الحكومة من اجل اعادة النظر بمشروع القانون بما يراعي الاوضاع الامنية المستجدة ومتطلباتها وتداعياتها بعد سيطرة قوى الارهاب المتمثلة بداعش وأخواتها على العديد من المحافظات الشمالية مما اضاف عبئا جديدا على الموازنة الاتحادية وأعباء مالية اضافية لأجل مواجهة خطر الارهاب ودحره .
والسؤال الملح بهذا الخصوص يتعلق بما اذا كان بالإمكان انجاز التعديلات المقترحة على هيكلية الموازنة خاصة ما يتعلق بالنفقات الحكومية لاحتواء نفقات مستلزمات الحرب ضد احتلال الارهاب الداعشي وآثارها وحل عقدة الاختلاف بين المركز والإقليم كما يرى معظم الاقتصاديين والمهتمين بالشأن الاقتصادي ، ام يتم دمجها مع موازنة 2015 في ظل عجز حكومي عن معالجة المشاكل السياسية والاقتصادية على امتداد السنوات الثماني الفائتة ،وفشل برلماني في الزام الحكومة على تقديم الموازنة في اوقاتها المناسبة فضلا عن الخلافات التي تعصف بينهما .
وإذ كان الاعتراض في الموازنات السنوية السابقة ينصب على وجهة النفقات السابقة التي تذهب النسبة الاكبر الى الرئاسات الثلاث وهي نفقات يشوبها الفساد والهدر المالي بالإضافة الى الكثير من النفقات التشغيلية في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وهي على سبيل المثال الايفادات غير المنتجة في تطوير الموارد البشرية والسيارات الموجهة للاستخدام الشخصي وفق معايير المحسوبية والمنسوبية وبالرغم من تحمل الوزارات الانفاق على عقود نقل الموظفين الجماعي.
خلاصة القول ان محنة الحرب الجديدة التي فرضتها سياسات حكومية خاطئة وأجندات اجنبية تتطلب طريقة تفكير جديدة في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية واختيار الادوات والآليات المناسبة برؤيا واقعية بعيدا عن الافراط في الحساسيات تجاه الآخر المختلف وحساب دقيق لتكاليفها بعيدا عن المواقف النظرية المسبقة وانطلاقا من هذا الفهم فان تشريع قانون موازنة 2014 يتطلب حزمة من الاجراءات من قبل البرلمان والحكومة سواء كانت حكومة تصريف اعمال او الحكومة الجديدة وأهمها كخطوط عامة ما يلي :
اعادة النظر بالنفقات العامة اخذا بالحسبان متطلبات الحرب من الاسلحة الحديثة المتطورة والتعامل المرن مع مختلف الاسواق بما يحقق التفوق على اسلحة العدو الداعشي ، والنفقات الخدمية لآلاف العوائل النازحة بما يجعلها رغم الظروف الصعبة متمسكة بأرضها ووطنها في مواجهة الدعوات الى الهجرة خارج الوطن ،مع تثبيت النفقات الضرورية لعمل الوزارات وترشيد الاستهلاك الشعبي .
خلق مصادر تمويل جديدة خارج ساحة البترول من خلال تنفيذ قانون التعرفة الكمركية ، وفرض ضرائب تصاعدية على التجار والمقاولين والطفيليين وتنمية القطاعات الانتاجية في الصناعة والزراعة وتطوير النظام المصرفي وفق رؤيا اقتصادية عقلانية . حل المشاكل العالقة بين الحكومة المركزية والإقليم فيما يخص حصة الاقليم في الموازنة والإنفاق على البيشمركة بوصفها جزء من القوات المسلحة العراقية .والاتفاق على السياسة النفطية في الاقليم بما لا يتعارض مع السياسة النفطية للحكومة المركزية التي تتطلب هي الاخرى مراجعة في العديد من تفاصيلها من حيث الانتاج والتصدير. ان السير في هذه الاتجاهات سوف يسهم ،اذا ما خذ بالاعتبار كل تفاصيلها ، في دعم المجهود الحربي وتحقيق النصر على الارهاب وفي ذات الوقت البناء للسلام .