المنبرالحر

مهزلة الضمير السياسي / ئاشتي

تخاصم حزنك الذي رافقك في رحلة طويلة كي تبرهن على مقدرة التفاؤل، وتنزع عن ظهرك ضيم سنوات خلت لاعتقادك من أنها لن تعود ثانية، وربما وأنت لا تدري!؟ من أنها لم تغادر مربضها( تقصد سنوات الضيم)، بل هي تعيش في تلافيف عقول من يرسم مستقبل الوطن، كي يبث سمومها حين تتطلب منفعته ذلك، وحيث تتوافق مع تفاصيل سبل تحقيق تلك المنفعة، وهذا ما يمكن تلمسه في شبكة العمل السياسي في عراقنا، حيث السياسي (وبالذات من يملك السلطة) يتناسى أن مصير شعب ووطن مرتبط بسلوكه السياسي، والذي يتطلب منه المحافظة عليهما مثلما يحافظ على حدقة عينه.
تخاصم حزنك الذي رافقك في رحلة طويلة لا لشيء الا لأنك تحاول أن تتجاوز ما يجري في اللحظة الراهنة، حيث يشهد الجميع مهزلة الضمير السياسي والتي تتجسد في حالة التناقض الصارخ بين الحرص على التطوير والتقدم وبين تفتيت الجهود وتخريب كل ما سوف يحصل، بين البحث عن الحلول الناجعة وبين وضع الصخور في طريق الجديد القادم، ومن دون ريب لابد أن يكون القادم على هيكل متآكل أن يسعى إلى ترميم ذلك الهيكل حتى لو صار إلى حين، فقد تتجلى مهزلة الضمير السياسي بشكل واضح عندما نرى إلى هذه السنوات التي مرت منذ رحيل النظام البائد إلى الآن، حيث تعزز قاموس الفساد بمفردات جديدة على مستوى لغة الناس ولغة الصحافة.
تصالح حزنك الذي أبى أن يفارقك مادامت مهزلة الضمير السياسي تجدد نفسها في أكثر من صورة، وتلازمك الخشية من أن القادم قد تتعثر خطواته ويعود إلى حيث انتهى السابق له، لاسيما والسابق له قد يعفى من كل الأخطاء التي ارتكبها ويـُضمن ذلك له بحصانة يبتكرها الوضع السياسي، وهنا تطفح مهزلة الضمير السياسي إلى السطح، حيث تضيع أحقية دماء عبثا تم هدرها، وأموال تم تبذريها، ووطن تمت استباحته، ودولة تهشمت كل أركانها، وأحزاب وطنية تم تهميشها، وأمن المواطن تصوغ حكايته سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، وميلشيات تحكم وتقتل باسم الدولة، كل ذلك سوف يضيع ضمن مهزلة الضمير السياسي وضمن مقولة (عفا الله عما سلف).
لك الحق في مصالحة حزنك حتى تتم الإجابة على أسئلة الشاعر العراقي المغدور محمود البريكان لأنها أسئلة الحق:
( هذا الرميم
متى يتحرك؟
هذي العروق
متى تتدفق بالدم؟
هذي اليد الذابلة
متى تتحرر من موتها؟
متى يا إلهي؟
متى؟؟ )