المنبرالحر

الزمن لا ينتظر، تصدوا لقوى الموت/ د. علي الخالدي

إنشد العراقيون، وأصدقاؤهم في الداخل والخارج ، الى ما تنقله وكالات اﻷنباء العراقية واﻷجنبية ، من حركة مكوكية لمسؤولي التفاوض بين الكتل في إطار الجهود ، التي تبذل لتشكيل الحكومة ، وهم يتوقعون من هذه الحركة المكثفة ، صيرورة موضوعية لممهدات ، على أساس برنامج مبني على خطة إستراتيجية تنقل العراق وشعبه الى واحة اﻷستقرار والسيادة ، لكن من هذ القبيل كما تشير التصريحات المتعددة المصادر لم يحصل ، فعند اﻷتفاق على توزيع الوزارات بين الكتل ضمن سياقات أقتصرت على أطراف محددة ، نشبت خلافات داخل الكتلة الواحدة حول تشخيص من يشغل المناصب الوزارية ، مما يشير الى بروز حقائق ومعطيات ، تدل على أن مطبخ أعداد الوزارة يسير ضمن مؤشرات، يحددها متبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، مما يعني أن البلد ومجددا، سيدور في فلك هذا النهج ، بعيدا عن التغيير الحقيقي الذي تنشده وتطمح اليه الجماهير وقواها الوطنية الديمقراطية ، بل الخشية من عدم تحقيق مطالبها ، و تضييق أشد للديمقراطية السياسية واﻷجتماعية ، ولمبادىء العدل ، وحقوق اﻹنسان ، والقيم الخلقية ، سيما وإن الحوارات تجاهلت الدعوة لعقد مؤتمر وطني لشركاء العملية السياسية ، وإقتصرت على الحوارات في دائرة الكتل المتبنية للنهج السابق الذي جرب خلال إثني عشر عاما وباء بالفشل ، ذلك ﻷن أغلب الوجوه المؤثرة عليه، قائمة على تطبيقه مع بعض التغييرات الشكلية.
لقد أدركت الجماهير منذ الوهلة اﻷولى أن التحرك الكثيف في حيز الوقت القصير ، سيتم بعجالة تشكيل حكومة ، مبتورة اﻷطراف المهمة تعيق توسيع مجال حركتها ، و تبقيها محصورة في حدود نهج المحاصصة والتوافقات ، التي سترسم لها ، بشكل مباشر وغير مباشر في الداخل والخارج . فالمساحيق التي نشرت لتزيين وجهها المحاصصاتي والتوافقي ، خصوصا أمام الرأي العام الخارجي ، لا يعطي إنطباعا بانبثاق حكومة تضم الكفاءات المهنية واﻷيدي البيضاء ، و الذين لا تشم منهم رائحة الفساد والسحت الحرام ، طالما أنحصرت في إطار التراضي والمحسوبية . فعلى الرغم مما أثارته تصريحات المكلف بتشكيلها عن الترشيد الوزاري ، ووسائل اﻹعلام الحكومية عن ضرورة إعتماد الكفاءة المهنية في إشغال المناصب ، إلا أنها ضمت أوجها عرفت بالفشل من الكابينة السابقة ، و من الذين أحجموا عن اﻹفصاح عن ملكيتهم ، إما خوفا من الفضيحة ، أو حتى لا يثيروا إستغراب الجماهير ، على علو تراكمها خلال فترة وجيزة من إسيتزارهم.
إن شعبنا العراقي الذي كان ولا يزال عرضه ﻷبشع أساليب اﻷرهاب الدموي ، وبؤس الحياة على كافة اﻷصعدة ، يدرك جيدا أن معظم الوجوه المقترحة القديمة والجديدة لا يجمعها جامع مع التغيير الحقيقي ، وتوفير اﻷجواء الضرورية لتعزيز اللحمة الوطنية ، ومراجعة العملية السياسية السابقة وتخليصها من أﻷخطاء والعيوب التي كشفت عنها المسيرة السابقة ، التي خضعت ﻷجندات نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، الذي تحكم بمسارها السياسي واﻹجتماعي والثقافي . فحكومة تشكل وفق معطياته متبني مريدي النهج المحاصصاتي والتوافقات ، لن تغير الطابع الطائفي للوزارة الجديدة وستكون كالسابقة غير قادرة على معالجة السلبيات الموروثة بل ستزيد من بؤس ومآسي وشقاء الجماهير الفقيرة ، وستكون غير معنية بجدية تطبيق العدالة اﻹنتقالية ، مما يتطلب تظافر الجهود وتوحيد الطاقات نحو السير حثيثا للعب دور أكبر عبر الشارع والبرلمان لمراقبة المساعي ﻹحياء العملية السياسية ، ودفع ممارسات النهج الطائفي والتوافقي عنها ، كي يتمكن النظام بكل جدية أن يكرس كافة الجهود لنصرة قواتنا المسلحة ، ودحر ممارسات داعش البربرية، وأعادة المهجرين ، الى بيوتهم وتعويضهم عما فقدوه عند تهجيرهم قصريا دون تمييز ، بأسرع وقت ، فالوقت لا ينتظر من ينام على وسائد اﻷوهام .