المنبرالحر

الفقراء يزدادون فقرا / إبراهيم المشهداني

أعلنت وزارة التخطيط في الحادي والثلاثين من شهر آب الماضي ان نسبة الفقر في العراق ستصل إلى 30 بالمئة بعد ان كانت 19 بالمئة ، وعزت هذه الزيادة الى تفاقم نزوح أكثر من مليون وستمائة ألف مواطن من بعض المحافظات العراقية بسبب التدهور الأمني العاصف الذي تعرضت له تلك المحافظات من قبل داعش ، وانسحابات غير متوقعة من قبل القطعات العسكرية التي كانت تتولى زمام الدفاع عن امن الوطن ضد الهجمات الخارجية .
ووزارة التخطيط عندما قدرت هذه النسبة المرعبة إنما كان للمقارنة مع نسبة 23 بالمئة وهي النسبة التي كانت عليها الحال قبل عام 2009، حيث وضعت خطة خمسية لمعالجة المستوى المعيشي المتدهور الذي يعانيه سبعة ملايين عراقي يقعون تحت خط الفقر والمقصود بها الشريحة المعدمة في المجتمع العراقي ، وعندما تصبح النسبة 30 بالمئة فان أكثر من احد عشر مليونا من العراقيين يتحولون إلى ما تحت خط الفقر وهو تدهور مريع لأكثر من ثلث سكان العراق وهذا يعني هزيمة جلية للسياسات الحكومية على امتداد السنوات العشر الماضية والتي يفترض ان تتحسب لكل شيء وعندما تكون المخرجات الاقتصادية لهذه السياسات بهذه النسبة المريعة فان مسؤوليتها بالتأكيد وخيمة.
إن معايير وقوع هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة تحت خط الفقر تتجلى في تفاقم نسبة البطالة وغياب السكن وانخفاض نسبة الخدمات العامة المقدمة لها: الصحية والتعليمية والماء والكهرباء وغيرها من الخدمات وهي أرقام يصعب الحديث عنها في واحد من أهم البلدان المنتجة للبترول والمصدرة له، أي بمعنى من المعاني تبديد الثروة الوطنية وغياب العدالة الاجتماعية بسبب هيمنة الفئات الطفيلية التي تقف وراء عمليات الهدر المالي وفساده الذي وصل الى مستويات خطيرة في مقاييس المنظمات الدولية ذات الاختصاص. .
إن بلادنا بعد تشكيل الحكومة الجديدة تقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب من بين أمور عديدة مراجعة مكثفة لكافة السياسات الاقتصادية الفاشلة خلال المرحلة السابقة ويتعين عليها وضع أسس وقواعد للانطلاق نحو مرحلة جديدة في مجال التخطيط العلمي لعملية تنمية مستدامة في معادلة متوازنة جامعة تربط كافة القطاعات الاقتصادية والموارد البشرية والمناهج التعليمية بهذه الخطة من خلال اعتماد مبدأ الالتزام بحماية ثروات البلاد وتكريس قيم العدالة الاجتماعية عبر تبني منظومة متكاملة من الإجراءات والتشريعات تتضمن ايضاً تعديل سلم الرواتب بما يقلل الفجوة بين الرواتب العليا والدنيا والاهتمام بالجانب الخدمي والمعيشي للمواطنين والتصدي لمشاكل البطالة وخصوصا بين النساء والشباب والارتقاء بمستوى الخدمات العامة ومعالجة أزمة السكن عبر التركيز على مشاريع الإسكان الشعبي، وفوق هذا وذاك تقديم خطة التنمية الوطنية للأعوام 2013/ 2017 إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها كي تصبح ملزمة لأجهزة الدولة وتكثيف الرقابة عليها ، كل ذلك سوف ينتج انتقال الشريحة المعدمة إلى ما فوق خط الفقر وكل هذا لا بد ان يسير جنبا إلى جنب مع دحر الإرهاب وتحرير المحافظات المستلبة بعد احتلاله البغيض.