المنبرالحر

معالجة التصحرفي البرنامج الحكومي / ابراهيم المشهداني

التصحر ظاهرة تشكل في حقيقة امرها عملية هدم للطاقة الحيوية للأرض، وبمعنى آخر التدهور المستمر للأراضي الجافة نتيجة للأنشطة البشرية والتقلبات المناخية ولهذا فالتصحر يعتبر من اخطر التحديات الانمائية من خلال تأثيره على رفاه الانسان من جهة وعلى البيئة من جهة اخرى ولهذه الاسباب اولت البشرية اهتماما كبيرا بمعالجة هذه الظاهرة بالغة الضرر من النواحي الاجتماعية والاقتصادية ما دفع بالأمم المتحدة الى انشاء الصندوق الدولي للتنمية اثر موجات الجفاف والجوع في القارة الافريقية . ولعل تضمين البرنامج الحكومي فقرة تخص معالجة التصحر في العراق هو تعبير عن تفهم الحكومة العراقية الجديدة لخطورة هذه الظاهرة على التنمية الاقتصادية وآفاق تطورها .
ويبدو ان التصحر يشكل ظاهرة تاريخية بالنسبة للعراق وقد ظهرت في المدونات التاريخية العراقية من خلال هجرة السكان من الشمال الى الجنوب بسبب تدهور الزراعة . ومن المفيد هنا التمييز بين الصحراء كظاهرة طبيعية متوازنة بيئيا وبين التصحر كظاهرة بيئية معقدة متقلبة .
ومن باب التوضيح بخطورة ظاهرة التصحر في العراق فان الاحصائيات تشير الى ان مساحة الاراضي المتصحرة و المهددة بالتصحر 437،5 كم2 والمتصحرة منها 166،687 كم2 اي بنسبة 38 بالمئة اما المساحة المهددة فتقدر بـ 237،563 كم2 اي بنسبة 54 بالمئة وان نسبة الاراضي المتصحرة والمهددة 92 بالمئة من مجموع مساحة العراق وبمعنى اخر فان ظاهرة التصحر في العراق تمثل اشكالية كبيرة امام الحكومة العراقية بالمئة على المديين المتوسط والبعيد. فمن جهة تسبب اضعاف قدرة الارض على مجابهة التغيرات المناخية وتعرقل الدورة الطبيعية للمياه والعناصر المغذية للتربة ومن جهة اخرى تؤدي الى العواصف الترابية الغبارية التي تسبب في ترسيب المياه في الانهر والجداول والى اتلاف الاشجار وهذا ما حصل في السنوات العشر الاخيرة وسبب الكثير من الامراض في الحقول والبساتين التي لم تستطع الدولة معالجتها مما ترتب عليها خسائر اقتصادية كبيرة، بل وان الفشل في القطاع الزراعي قاد الى هجرة سكانية كثيفة الى المدن وخاصة العاصمة بغداد تتجلى في الاحياء العشوائية الكبيرة التي سببت مشكلة كبيرة في توزيع الخدمات البلدية والصحية والتعليمية والكهرباء وتبع كل ذلك اضطرابات سياسية ستزداد عنفا كلما تباطأت الدولة في معالجة اسبابها. وانطلاقا مما تقدم فان الحكومة العراقية مطالبة باتخاذ منظومة واسعة من الاجراءات ضمن اطار استراتيجية تنموية واسعة الاهداف وضمن جداول زمنية محددة .
ومن بين هذه الاجراءات نقترح ما يلي :
1. وضع خطة شاملة لاستصلاح الاراضي المتدهورة وخاصة كثيفة الملوحة عن طريق انشاء منظومة من جداول البزل وإصلاح ما تلف منها بسبب الاهمال .
2. استخدام المعارف والتقنيات الحديثة في الري والسقي بطريقة التنقيط .
3. انجاز مشروع الحزام الاخضر حول المدن ووضع التخصيصات المناسبة في الموازنة الاتحادية العامة وتشديد مراقبة التنفيذ .
4. تفعيل قرار مجلس الوزراء المتعلق بقيام الوزارات بشتل عشرة آلاف شجرة لكل وزارة وهذا المشروع عانى من الاهمال كباقي المشاريع الحكومية , وقيام وزارة الزراعة بوضع خطة تشجير حول المدن والمناطق التي تراها مناسبة لمعالجة ظاهرة التصحر .
5. التنسيق مع الصندوق الدولي للتنمية والاستفادة من خبراته الواسعة التي اكتسبها من خلال انجازاته في الدول الافريقية.
6. استخدام الاساليب العلمية في استخدام الارض للإغراض الزراعية والتقليل من تكرار استخدام نفس الارض سنويا(نير ونير ) . وتفعيل مشروع تثبيت الكثبان الرملية.
7. السعي الجاد ، عبر حزمة من التسهيلات ، لجذب المستثمرين المحليين والأجانب ، لتفعيل العديد من هذه المقترحات عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة وتشغيل الايدي العاطلة في الريف العراقي .