المنبرالحر

التحول نحو القطاع الخاص / ابراهيم المشهداني

يلعب القطاع الخاص دورا محوريا في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة او ما يصطلح عليه في المفهوم الاقتصادي الحديث عملية التنمية المستدامة ، في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية ، ويقاس هذا الدور بنسبة مساهمة القطاع الخاص في الانتاج المحلي الاجمالي الذي لا يشكل في الوقت الحاضر اكثر من 10% من مساهمته في الانتاج المحلي الاجمالي والهدف الاستراتيجي لهذا القطاع اذن يكمن في رفع هذه النسبة الى الحد الممكن كي يؤدي دوره في زيادة الانتاج ومواجهة الطلب الاستهلاكي الاجتماعي ومساهمته في امتصاص البطالة والتخفيف عن القطاع الحكومي الذي تنتشر فيه البطالة المقنعة بحدود غير مسبوقة .
وما يدعو للاهتمام بهذا القطاع ،الذي اصبح جزءاً هاما من البرنامج الحكومي ، هو الوضع المتدهور لهذا القطاع بسبب اهمال الحكومات السابقة وخاصة بعد عام 2003، فنظرة بسيطة الى مؤشرات هذا القطاع يتبين لنا وجود قرابة 32 الف معمل ومصنع وورشة تابعة للقطاع الخاص منتشرة في عموم المحافظات شبه معطلة او يعمل بعضها بطاقة 20-30% وبدلا من وضع الحلول المناسبة لهذه البنية المخربة جرى التركيز على التجارة في سد النقص في العرض السلعي والتوجه لاستيراد البضائع الرخيصة والرديئة وما يترتب عليها من هروب للعملة الصعبة الى الخارج . وفي نفس الوقت هناك قرابة 190 مؤسسة انتاجية تابعة للقطاع الحكومي الكثير منها شبه معطل او يعمل بأقل من نصف طاقته الانتاجية ويمكن لهذا القطاع في حال تأهيله وزيادة طاقته الانتاجية ان يستوعب مئات الالوف من العاطلين .
ان موضوعة التحول الى القطاع الخاص الواردة في البرنامج الحكومي تستدعي التأمل والمناقشة من قبل المختصين بالشأن الاقتصادي حول الاولوية في الموازنة الواقعية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص على اساس دراسة عقلانية لواقع الاقتصاد العراقي وحاجاته الملموسة في المرحلة الراهنة من خلال دراسة علمية لطبيعة البيئة الانتاجية في البنية الاقتصادية وليس اللهاث وراء مقولات نظرية عن تجارب عالمية تختلف عن بلادنا في ظروفها السياسية والأمنية وعواملها الاقتصادية والاجتماعية وأوضاعها السكانية ،لم تسفر عن استخلاص نظرية قابلة للتعميم .
ان وجود قطاع خاص له دور ريادي في الظروف الراهنة هو ما يستدعي التركيز على بناء المقدمات الاساسية المادية والمالية لنموه وتطوره ، الى جانب تأهيل المؤسسات الاقتصادية الحكومية ، بل النظر الى القطاعين بعين واحدة من الاهتمام بوصفهما قطاعين متكاملين . كما ان التوجهات الاقتصادية المستقبلية تتطلب تجنب مسلمات نظرية لم تزكها الحياة وتؤكد نجاحها في مختلف الظروف كالخصخصة التي لم تكن في اي وقت خيراً مطلقاً خاصة وان القطاع الحكومي لازال في بريطانيا وفرنسا والعديد من البلدان الاوربية وحتى في امريكا التي الزمتها ظروف الازمة المالية اللجوء للتاميمات المصرفية . ان تهيئة البيئة المناسبة للقطاع الخاص تتطلب ما يلي :
- توفير البيئة الاستثمارية الملائمة للاقتصاد العراقي من خلال تفعيل قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وتوفير كافة التسهيلات القانونية والإجرائية امام المستثمرين الاجانب والمحليين وتحديد القطاعات المناسبة للاستثمار .
- تأسيس قطاع مصرفي حكومي وخاص مهمته تنشيط الاستثمار وفق نظام مصرفي متطور ومنح المصارف الاهلية الصلاحيات المناسبة لدعم القطاع الاستثماري .
- تفعيل التشريعات القانونية التي تصب في دعم القطاع الخاص كقانون حماية المنتجات الوطنية وقانون المنافسة وقانون حماية المستهلك وغيرها من التشريعات الموجودة او سن التشريعات التي تتطلبها عمليات التنمية .
- تأسيس مجلس اقتصادي مركزي يضم خيرة الكفاءات الاقتصادية مهمته تقديم الاستشارات الاقتصادية للحكومة ويهتم بإجراء الدراسات والبحوث لواقع الاقتصاد العراقي.