المنبرالحر

بشّار.. الطائر المصلوب / ريسان الخزعلي

* بشار.. الطائر المصلوب"، جملة اسمية تحمل الكثير من التوصيفات الدالة، فما بين البشارة والطيران اكثر من علاقة، من أوضحها، هذا السفر الدائم في المكان والزمان، وسفر مثل هذا، لا يحتمل معنى النزهة السياحية، لان الطائر مصلوب..!، وبذلك انزاح المعنى الى سفر في الذاكرة، ذاكرة النضال والمجد والشهادة. وحسناً فعل الزميل عبدالرحمن فليفل حين اختار هذا التوصيف (بشار.. الطائر المصلوب) عنواناً لكتابه عن الشهيد المناضل ولاعب كرة القدم المعروف بشار رشيد حيث استدرجنا الى ذاكرة جمعية متقدة (ذاكرته وذاكرة الآخرين) عن هذا المناضل الذي اختزل تحليق الطيران بقدمٍ ذهبية، بعد ان كان التحليق الأساس بفكرٍ أكثر ذهبية.
* ان استذكار المناضلين الشهداء دينٌ في اعناق الأحياء، وبذلك كسب الاستاذ عبدالرحمن فليفل قصب السبق في استذكار واستعادة الشهيد بشّار رشيد، وحرر عنقه من دين، ما زال يثقلنا جميعاً.
* في هذا الكتاب، كنا نرى بشاراً حيّاً متحركاً ومتجاوزاً لخط الجزاء، لم ترعبْهُ صفارة الحاكم، بعد ان كان ينصاع بخُلقٍ عالٍ لصفّارة الحكم، وما بين الصفّارتين مسافة الطائر السماوي الذي لم يرتضِ التحليق الارضي فحسب.
لقد استذكر بشّاراً مثقفون وأدباء وفنانون وصحافيون وسياسيون ولاعبون مجايلون له ومعجبون به، مما يدل على عمق تأثيره في نفوسهم وارواحهم ومشاعرهم الطيبة، ويضاف لهم، حب المؤلف وإخلاصه، وقد شغلنا وشاغلنا بالذكرى، الا انه سابق في توثيق الذكرى. بينما كنت جالساً، عقب احدى الاحتفاليات الاستذكارية للشهيد المناضل بشار رشيد في ذكراه الثامنة والعشرين، راودتني أفكار كثيرة، أصبحت رهيناً لها، تناثرت فيها الهواجس، وتشابكت فيها الآهات، إذ حضرت امامي العشرات من الصور التي التقطها خيالي، من خلال احاديث رفاقه واصدقائه، بوصفه إنسانا، ولاعباً، ومناضلاً، فتوطن بشّار في قلبي أكثر. إذ ان ما سبق ذلك لا يتعدى كونه معلومات عرفتها عنه، كلاعب كرة قدم دولي يحمل أفكاراً تقدمية، برز بسرعة فائقة، وهو قريب من افكار ومعتقدات الشاب الذي اعمل معه في احدى المكتبات المتخصصة ببيع الصحف والمجلات والكتب في مدينتي الغالية المحمودية. ومنذ ذلك الحين، شُغلت به.. وهكذا قاد الصيتُ النبيل مدادَ قلمٍ نبيل.
* نعم، يا بشار، لم يكن لقاتلك وجه، وما كان بقامتك وهامتك ووقفتك وتاريخك.
وبالعراقي، نستعيد قول أم الشهيد، عن لسان الشهيد:
"ديري بالچ على الحزب.. لأن الشيوعيين مثل چف السمسم، بس ينطش بعد ما ينلم..!"