المنبرالحر

ماذا يدور حولي؟ / د. محمود القبطان

أسئلة كثيرة أعيشها منذ وصولي بغداد .أحلام أود تحقيقها، خطط كثيرة قابلة للتحقيق لو وجدت ظروف مناسبة لها، لكن الوضع الأمني قد لا يسمح بتحقيق كل ما أصبو إليه.

واجهت الكثير من التساؤلات أصدقاء وأحبة مخلصين عندما قررت المجيء الى الوطن، لكن إصراري على خططي كانت أقوى من إضعاف عزيمتي وأحيانا كانت هناك محاولات بعيدة وقريبة لتأجيل سفري وإن كانت كل المحاولات تعبر عن صداقة وحب محفوفا بالخوف لاسيما ممن جاؤا الى دول اللجوء متأخرين ولم يذوقوا طعم الغربة بعد.

لم انتظر كثيرا بعد وصولي حيث التقيت الكثيرين ممن أردت لقاءهم. لم أأتي من كوكب آخر ،فأنا أبن البلد وأعرف ماذا يدور تقريبا من خلال الانترنيت والاتصالات واللقاءات والمطالعات والإطلاع على أوضاع البلد عن كثب.

بغداد لم تتحسن أوضاعها البيئة إن لم أقل أصبحت أسوأ من السابق. بغداد في حالة يُرثى لها من هذه الناحية. ليس هناك وعي بيئي على الإطلاق. الأغلبية المطلقة إن لم أقل الجميع لا يكترث بما حوله من نفايات. القناني البلاستيكية بأعداد تعد بمئات الآلاف متروكة في كل مكان والغريب إن المسؤولين يمرون بجانبها دون أن يكترثوا بما يشاهدون. ضفاف دجلة الجميلة سابقا والقبيحة حاليا أهملت ربما بتعمد حتى لان ما فيها من نفايات من كل الأنواع يحز في النفس حيث ليست هناك دائرة تهتم بدجلة وما يسبب ويترك ذلك من سموم خطيرة على صحة المواطنين .الشوارع الفرعية لا تصلح للسابلة حتى فما بالك بمرور السيارات ومغلقة من جانب واحد في معظمها. الشوارع الرئيسية مُحتلة من قبل الباعة وليس هناك من رادع. كل البضائع خارج المحلات التجارية وعلى الأرصفة. حالة بعض "البنوك" مخجلة، الأوساخ في كل مكان موبيليات قديمة ورثة مركونة في الممرات، الموظفون لا يكترثون بنظافة دوائرهم، وهذا ينسحب على كل الدوائر. وبالرغم من وجود مركبات النفايات الحديثة لكن نقل النفايات يتم بأكثر الطرق تخلفا ،أي رفعها بالأيدي وبواسطة عمال من بنغلادش، كما في المطار.

غلق الشوارع والازدحامات لا تنتهي ولا أحد يعلم متى يغلق هذا الشارع أو ذاك، لكن ما أن يصل "أحدهم" مع سيارات الحمايات حتى تنقلب الدنيا ولا تقعد من كثرة المنبهات المثيرة للأعصاب وعلى شرطي المرور المسكين أن يوقف الحياة حتى اذا تطلب الأمر لمرور هذا المسؤول أو البرلماني وأن ليس هناك من شيء مهم وهو، المسؤول، في طريقه الى البيت.

الدعاية الإعلامية الخبيثة أخذت تجري بين صفوف الناس، الذعر قد دب في نفوس البعض والذي يسمع هنا أو هناك من تقدم إرهابيي داعش والبعث الفاشي باتجاه بغداد. بعض القنوات المحسوبة على العراق لا تطلق صفة الارهاب على داعش وإنما تحسبهم مسلحين كما تقولها قناة الجزيرة والعربية أيضا. يكثرون من "انتصارات" داعش ويقللون من دحرهم من قبل القوات العسكرية والأمنية في محاولة مسمومة لقتل الروح المعنوية للمقاتلين وللمواطنين.

ما المخرج لدحر الارهاب؟ على الإعلام الرسمي أن يعرف كيف يفكر العدو، ماهي خططه وكيف يُسرب أكاذيبه ومع من يتعاون من أجل هذا. ليس مهما نشر خطط القوات العسكرية في ضرب مجاميع الارهاب لانهم، الإرهابيون، سوف يأخذون الحيطة من ذلك ويغيرون من طرقهم وباستمرار. ما الفائدة أن تعلن القوات الأمنية من التأكيد على إنها أخذت الحذر من احتمال دخول الارهابيين بغداد، لان في ذلك يزيد من قوة داعش وخوف الناس وسرعة تناقل الدعاية المغرضة. حتى ندحر الارهاب ومن يقف معهم وخلفهم علينا توحيد الصفوف ونبذ الخلافات التافهة والتي لا توصلنا الى بر الآمان. لتحقيق ذلك علينا التوجه الحقيقي الى مؤتمر وطني لكل القوى السياسية الداعمة للعملية السياسية والتي همها الوطن وليس المال مؤتمرا لا يستثنى أحدا لان من يدير السلطة من أحزاب لم ولن يستطيعوا الوصول الى السلام الاجتماعي ودحر الارهاب لوحدهم، كما أثبتت الأعوام ال11 المنصرمة.