المنبرالحر

حماية الصناعة الوطنية في البرنامج الحكومي/ ابراهيم المشهداني

تضمن البرنامج الحكومي الذي اقره البرلمان العراقي في مستهل عمل التشكيلة الحكومية الجديدة لهذا العام ، فقرة برنامجية على درجة كبيرة من الاهمية تتضمن حماية الصناعة الوطنية حيث تشكل الصناعة في معظم البلدان العمود الفقري للاقتصاد الوطني والسعي من خلالها للاكتفاء الذاتي والمضي قدما في تطوير الصادرات الوطنية وإيجاد مصدر آخر مهم لتمويل الموازنات الاتحادية العامة وليس الاقتصار على موارد النفط التي غالبا ما تتعرض الى التقلبات الاقتصادية والدولية وأزماتها . ولم يعط البرنامج الحكومي هذا الاهتمام للصناعة الوطنية بقطاعاتها العام والخاص والمختلط لولا عمليات الاجهاض التي واجهتها الصناعة الوطنية طيلة الفترة الماضية وتجربتها الفاشلة ، حتى صدر قانون حماية المنتجات الوطنية رقم 11لسنة 2011 إلا ان هذا القانون لم يجد طريقه للتنفيذ لغاية اليوم بسبب وجود تحديات حقيقية ابرزها القطاع التجاري الذي نمت خلاله طبقة كومبرادورية لا تجد مصلحتها إلا بتعطيل نمو القطاع الصناعي لكي تستمر في كسب المزيد من الارباح من خلال استيراد البضاعة الرديئة قصيرة العمر .
ان استعراض مسيرة الصناعة الوطنية في مختلف قطاعاتها خلال السنوات العشر الاخيرة تبين لنا من خلال تقييم الفعاليات الصناعية ان هناك 32 الف معمل ومصنع وورشة تابعة للقطاع الصناعي الخاص منتشرة في عموم المحافظات شبه معطلة او لا يعمل بعضها بأكثر من 20- 30 بالمائة من طاقته الانتاجية وان أكثر من 34 مشروع صناعي كبير متوقف عن العمل . كما خسر العراق خلال السنوات العشر الماضية 60 الف مشروع صناعي بين صغير ومتوسط وكبير في القطاعين العام والخاص وهذا الواقع المرير قاد الى تواضع نسبة مساهمة الصناعة الوطنية في الانتاج المحلي الاجمالي. كما ان قرابة 190 مؤسسة انتاجية تابعة للدولة لا يزال الكثير منها شبه معطل او يعمل بأقل من نصف طاقته الانتاجية كان بإمكانها معالجة ظاهرة البطالة التي تعصف بملايين الشباب العاطلين القادرين على العمل ومن خريجي التعليم الجامعي الذين يتحولون سنويا الى طاقات مهدورة وفي نفس الوقت تشكل خسارة للنفقات التعليمية منذ عشرات السنين .
ان تنمية الصناعة الوطنية واعتبارها هدفا استراتيجيا من اهداف عمليات التنمية المستدامة تتوقف قبل اي شيء آخر على فاعلية الاجراءات الحمائية التي تتخذها الحكومة العراقية للمنتجات الوطنية في القطاع الصناعي والقطاعات الانتاجية الاخرى وهذه الاجراءات تأخذ اشكالا مختلفة نشير الى بعضها وبما يلي :
1. تطبيق القوانين والتشريعات التي اصدرها البرلمان ولكنها لم تفعل بسبب مقاومة الحيتان التجارية ومنها قانون المنافسة وقانون منع الاحتكار وقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وقانون حماية المستهلك وقانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 .
2. محاربة الممارسات الضارة في التجارة الدولية وخاصة سياسة الاغراق التي تتبعها الكثير من الدول بهدف السيطرة على السوق والتقليل من دعم السلع المستوردة المنافسة للصناعة الوطنية .
3. تقديم الدعم المالي وكافة التسهيلات للصناعيين العراقيين ومنها على سبيل المثال ؛ اعفاؤهم من الديون الحكومية من النظام السابق واعتبارها ديونا معدومة وتقديم القروض المناسبة لتشغيل المعامل المتوقفة وتشجيعهم على ادخال التكنولوجيا الحديثة .
4. تأهيل المصانع الحكومية المتوقفة او التي تعمل بأقل من طاقتها المتاحة بسبب عدم تمكنها من ادخال الاساليب والوسائل الحديثة في الانتاج والاهتمام بعنصر الكفاءة في اداراتها .
5. تشجيع الاستثمارات الاجنبية في القطاع الصناعي وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة من تشريعات قانونية وسياسات مالية (تسهيلات مصرفية ) وإزالة الحلقات البيروقراطية في اجهزة الدولة وإزاحة الفاسدين من الدوائر ذات العلاقة بالتنمية الصناعية وغيرها .