المنبرالحر

المجتهد والسيد والمتكابر في عراق اليوم / د. علي الخالدي

منذ الحملة اﻷيمانية التي أطلقها الدكتاتور المقبور ، تواجد السيد والمجتهد ( رجل دين يلم بالحياة الدنيوية واﻷخروية ، وعلوم الطبيعة ) في الحياة اﻹجتماعية العراقية ، وبعد سقوطه وبمساعدة العامل الخارجي والداخلي إعتلى البعض منهم السلم السياسي ، وإحتلوا مواقع حزبية ، وإدارية في الحكومة ، بعد أن أتاح لهم نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية فرص النهب والفساد التي رعاها وحماهم من المسائلة فأثروا سريعا وأصبحوا ، في عداد ملياردري العالم ، ولكي يميزوا أنفسهم عن بقية الناس ، وجلهم ممن كان يعتاش على الرعاية اﻹجتماعية في دول اللجوء ، و يَخفوا مآربهم وتراكم ثرواتهم ، إتبعوا سلوكا غريبا عن الشخصية العراقية اﻷصيلة المتواضعة ، فتناسوا ماضيهم ، وتعالوا على هموم الشعب ومآسيه ، يذكرونه في الحاجة اليه ، وينكروه عند المطالبة بحقوقه ، تغطرسوا وتكبروا في سلوكياتهم . تكورت كروشهم وإحمرت وجهوهم ليس خجلا وانما شبعا ، أوجعوا الشعب بتشظيه بأدائهم المتلبس بنصرة هذه الطائفة وتلك ، وخدعوه بتدينهم وأقامة الشعائر المذهبية ، وبإلتزاماتهم اﻹجتماعية غير مبالين ولا خائفين من عقاب الآخرة ، ترفعوا حتى على من إنتخبهم وتجاهلوا أوضاعه وصيحات بطون أطفاله التي تنام جياعا ، وتفترش اﻷرض وتلتحف السماء بعد كارثة الموصل والتهجير القسري . أبوا التخلي عن جنسية بلد لجوئهم ، بالرغم من تخلي رأس السلطة عن جنسيته الثانية ، آملا منهم أن يحذو حذوه ، لكن نظرتهم بقت مرتبطة بعواقب التخلي عنها ومن مسألة من أين لك هذا ، سيما و أنهم هربوا مليارداتهم لوطنهم الثاني ، فأصبحت عامل إستثمار مهم لا تستغني عنه تلك الدول .
خلال تواجدهم في موقع القرار ،عُميت بصيرتهم ، وأستولت الغطرسة والنرجسية على تصرفاتهم وأحاديثهم ، يهينون ويذبحون الشعب ثم يمشون في جنازته ، ظانين أنهم بهذا يستطيعون مواصلة تغيير ألوانهم ، والعبث بمقدرات شعب يملك مفاتيح أضواء العقل والحكمة والدراية ، المتوارثة من حضارة بابل ونينوى وأور ، وسط تطبيل ، وتهريج محسوبيهم . ولكي لا تبان عورتهم ، وحتى لا تصبح أجسامهم عارية من ملوثات التكبر والتعالي والنظرة الدونية لناسهم ، غطوا خواءهم الفكري والثقافي وفشلهم في مراحل التعليم ، بتزوير شهادات جامعية ، ووضعوا قبل أسماءهم حرف الدي ، ليعطوا شرعية علمية لمناصبهم التي وصلوها بالمحاصصة والتوافق ، وبحجة التوازن غيبوا القادة النوعيين وألكفوئين من إشغال مهام إدارية وعلمية يستحق الشعب خدماتهم لبياض أيديهم ، موهوا سياراتهم وأحاطوا أنفسهم برتل حماية يعرقل حركة الناس الذين أوصلوهم الى تلك اﻷماكن التي سهلت لهم السرقة دون مسائلة ، في وقت إن المرجعيات الدينية لا تقر أفعالهم، والشعب المغلوب على أمره وخاصة فقراءه يتطلعون إلى أن يفعلوا ذلك جهارا ويعلنوا براءتهم منهم لأنهم شوهوا دينهم بذلك.

مما يثير اﻷشمئزاز هو أن البعض منهم لا يعترف بالخطاء ، معتبرأ ذلك شيئا من اﻷهانة والضعف ، وكل ما نخشاه هو توريث سلوكياتهم تلك الى أدوات التغيير في الحكومة الجديدة ، وبشكل محاصصة طائفية إثنية ، محلاة و مجملة بصيغة التوازن في توزيع المناصب اﻷدارية ، الذي تلعب به المحسوبية والعشائرية دورا مشابها لما مر خلال السنوات العشر لاسيما ، إن أغلب المسؤولين ، كانوا مسؤولين في اﻷمس على أساس المعادلة التي قامت عليها طريقة توزيع المناصب بين اﻷحزاب ، ليتكبروا ويشكلوا مع السيد والمجتهد قوة ﻹعاقة مواصلة عملية التغيير والتقدم الحضاري اللتين ينشدهما شعبنا بعد التغيير.