المنبرالحر

إطلقوا أجورهم و رواتبهم أنها قوت عوائلهم اليومي / د. علي الخالدي

لقد خدم العمال ونقاباتهم قضية الشعب والوطن بإخلاص ، ولم تعقهم المآسي والويلات التي صبها القائمون على اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية بما في ذلك محاربتهم في أرزاقهم ، مصدر قوت معيشة عوائلهم اليومية ، من مواصلة نضالاتهم المطلبية المتنوعة اﻷساليب قي التصدي ضد اﻹستغلال ، والتعسف الطبقي الذي درجت نقاباتهم مذ تأسيسها على تطوير مستنداته وأصوليته بما يخدم تحقيق مصالح منتسبيها ، و تعضيد و مساندة بقية منظمات المجتمع المدني للعمل بحرية في إطار مصالح الوطن العليا ، ومع هذا لم يوجد من ينصرهم من الحكومات التي توالت على العراق، سوى حكومة ثورة الفقراء تموز المجيدة، ولكون الثورة أتصفت بنزعتها اﻹنسانية ونصرة الفقراء ، تكالب عليها من ضربت مصالحهم ، الذين تعاونوا مع الرجعية واﻹقطاع والطابور الخامس، ﻷجهاضها وهي لا زالت تحبو ، واليوم يعاود الطابور الخامس وأصحاب اﻷجندات الخاصة من ممثلي الطبقة البرجوازية الصغيرة ، التي صعدت بشكل صاروخي الى مصاف التنافس مع الرأسماليين في العالم بعد تهشيم الطبقة الوسطى ، الذي وفر مستلزماته العامل الخارجي ، و تولي المحاصصون الطائفيون واﻷثنيون تسهيل مستلزمات صعودهم هذا مع المقربين اليهم منذ سقوط الصنم . وحاليا تعمل نفس إلوجوه مع اﻷطراف المعادية للتغيير الحقيقي،على تطبيق صيغة التوازن ( الوجه الآخر للمحاصصة الطائفية واﻷثنية ) بين أﻷطراف السياسية القائمة على الحكم بغية تعكير صيرورة التغيير المنشود .
وهكذا بقيت مطاليب الشعب محصورة في كوة مصالح الذين جاء بهم من تبنى نهج المحاصصة الطائفية ، الذين جيروا مردودات اسقاط النظام لصالح أحزابهم و طوائفهم ، موسعين بذلك رقعة الفقر بين عامة الناس ، ومنهم بصورة خاصة بائعي الجهد العضلي من شغيلة اليد والفكر ، في مواقع البسطات التي تكاثرت في مدن العراق ، لتوفير لقمة عيش لعوائلهم دون أن يلتفت اليهم أحد من مَن إنتفخت كروشهم وإرتفعت أرصدتهم المالية في الداخل والخارج ، من السحت الحرام والرواتب الفلكية ،
و مع أن ذلك لن يعرقل وقوف وتضامن العمال ونقاباتهم الى جانب من يقود التغيير ، طامعين بلمس وصول مردوداته اﻹيجابية الى أوسع اﻷوساط الشعبية الفقيرة ، ويُتَخذ ما يفيد تخفيف مآسي ومنغصات معيشة الناس التي إزدادت وطأتا بإنضمام ما هجر من بيوتهم بالتهجير القصري اليهم ، وكأن قدر مصادرة حقوقهم يلاحقهم في كل العهود ، على الرغم من الجهود التي تبذل من قبلهم (العمال ونقاباتهم ) هنا وهناك للتخلص منها ، ذلك بتنمية اﻷدراك في تعضيد الثقافة الوطنية بين صفوف جماهير الشعب ، و تقوية الروابط الفكرية المشتركة ، بالتضامن وتوحيد الجهود للتصدي للشكل الجديد لتهج المحاصصة ( التوازن) فسياسته سوف لا تواصل تعميق اﻷزمات فحسب ، بل وتعيق إيجاد الحلول التي تواجه مكونات المجتمع العراقي ، سيما وإن معظم الوجوه المحاصصاتية ، بقيت قائمة على رأس اﻷجهزة التى يراد منها أن تضطلع بالتغيير ، بادئة أياه بالهجوم الكبير على حقوق الطبقة العاملة ، وتوسيع رقعة الفقر ، والفوارق الطبقية بين الناس ، بالزيادات غير المعقولة بأعداد المستشارين ورواتبهم ومخصصاتهم، ناهيك عن مرتبات القائمين على النظام وممثلي الشعب ! التي تستنفذ ميزانية الحكومة على الرغم من أن الكثير منهم لا يقدم أي جهد يحلل شرعا ما يستلموه من مرتبات . ونتيجة ذلك لم يبق أمام العمال ونقاباتهم من مفر غير إعادة ممارسة أرثهم النضالي في اسلوب خوض النضال المطلبي ، ورفع وتيرته ، بإعتباره كما أثبتت اﻷحداث على وجه التحديد الحالة الوحيدة التي لا بد منها ﻹسترداد حقوقهم وعامل ضغط على القائمين على إدارة الحكم توفير مقومات العدالة اﻹجتماعية
إن المهمة السامية التي وضعها العمال على عاتقهم لتحقيقها ، هي الدفاع عن حق اﻷنسان في الحياة في ظروف التعايش السلمي في مجتمع متعدد المكونات ، بإعتباره أول حقوقه وأهمها ، و نيل هذا الحق يعتمد على قدرة العمال ونقاباتهم على اﻹستمرار في مواصلة نضالهم المطلبي ، وتعبئة الجماهير لمتطلبات الزمن على أكمل وجه . فبعد تظاهرات عمال الشركة العامة للصناعات الجلدية والشركة العامة للزيوت النباتية في العاشر من تشرين الثاني تظاهر منتسبو شركات وزارة الصناعة الممولة ذاتيا ، مطالبين بصرف رواتبهم التي لم يستلموها خلال ثلاثة أشهر . كي يلبوا بإنتظام تغطية نفقات معيشة عوائلهم اليومية . بكونه ( النضال المطلبي ) سلمي يقع ضمن إعتبارات ظروف البلاد الحرجة التي يمر بها الوطن، وينأى العمال أنفسهم بجعله دافع إحراج لحكومة التوازنات السياسية ، من كونه ينطلق من أن العمال أول المضحين وآخر المستفيدين .