المنبرالحر

تشجيع الشراكة الإستراتيجية مع المستثمرين المحليين والأجانب / ابراهيم المشهداني

العنوان اعلاه هو جزء من البرنامج الحكومي الاقتصادي للحكومة الجديدة، إلا ان هذا العنوان بإبعاده الاستراتيجية في عملية التنمية المستدامة لا يستقيم مع محدودية التفكير وفقاً لمنظور واحد، بل يحتاج الى مجموعة من الافكار والى مرونة عالية في التخطيط السليم لإصلاح الاقتصاد العراقي، الذي يعاني من الكثير من العلل بعضها متجذرة من العهد المباد وبعضها نشأ في المرحلة الجديدة ، من ارضية واقعية بعيدا عن استنساخ تجارب عالمية معظمها تآكل او غير مؤكد النتائج .
وما يستدعي تفعيل هذه الاستراتيجية ظهور مجموعة من المتغيرات التي ادت الى خلق تحديات مركبة في التأثير على مسار عمليات التنمية وفي المقدمة منها تعرض اسعار النفط الى صدمة انخفاض مريعة، وهو المصدر الذي يمول الميزانيات العراقية بشقيها التشغيلي والاستثماري والعامل الاخر يتمثل في هجمة الدواعش البرابرة عل العديد من المدن العراقية وسيطرتها على العديد من ابار النفط والمعادن الاخرى في محافظتي الموصل والانبار وبعض مناطق كركوك وديالى ما ترك اثارا سلبية ليست امنية فقط، اوقفت المشاريع الانتاجية والإعمال التجارية، بل وأيضا سعيه للاستفادة من مخرجات ابار النفط ومحاولة بيعها في السوق السوداء بالتعاون مع مهربين محترفين مدعومين من سياسين لهم تأثير في مناطقهم والعامل الثالث هو الفساد الذي استحوذ على الجزء الاهم من مصادر التمويل.
بيد ان هذه الشراكة كما جاءت في البرنامج الحكومي ليست حالة ارادوية بحيث يمكن انجاحها بين عشية وضحاها وخاصة بوجود التحديات الامنية وغيرها من التحديات انما تحتاج الى التعامل معها وفق جداول زمنية محكومة بظروف محددة ، فلا يمكن تصور اقامة مشاريع مشتركة في المحافظات الساخنة في الوقت الحاضر مثلا مع انها بأمس الحاجة الى اعادة الاعمار وتوفير الاحتياجات الاساسية لمواطنيها فيما يمكن اقامة مثل هذه المشاريع في مناطق اخرى في جنوب العراق تتوفر فيها العوامل الامنية بشكل كاف فضلا عن توفر المواد الاولية والعوامل البيئية المناسبة . هذا من جهة ومن جهة اخرى فان الواقع يشير الى توفر امكانات افضل لمشاركة استراتيجية في المشاريع والقطاعات الانتاجية القائمة والتي تعاني من التعثر بسبب الاهمال الحكومي والنظرة القاصرة لطبيعة الاقتصاد العراقي ،ففي وزارة الصناعة وحدها توجد 192 شركة اما متوقفة كليا او تعمل بأقل من نصف طاقتها باستثناء بعض معامل الاسمنت التي تحسن انتاجها بعد الاستثمار ويمكن القول ان تجربتها في الاستثمار تعطي مثالا جيدا لتطبيق مشروع المشاركة الاستراتيجية في العديد من المصانع التي يمكن تطويرها وتحويلها الى شركات رابحة في حال تطوير اساليب انتاجها وإدخال التكنولوجيا الحديثة فيها من اجل زيادة انتاجها وحمايتها من مزاحمة المنتجات الاجنبية المستوردة بتطبيق مجموعة من القوانين شرعتها الدولة لهذا الغرض ، خصوصا وان السوق العراقية مهيأة لاستهلاك منتجاتها مع الاحتفاظ بعمالتها والانصراف عن فكرة خصخصتها وتسريح ثلثي العاملين فيها مع ما يترتب على ذلك من ازمة اجتماعية سياسية، العراق في غنى عنها. وبعد تخليص العراق من الدواعش ونشوء وضع امني مستقر عندئذ تبرز الحاجة الى الكثير من المشاريع المشتركة اما لإعادة اعمار المدن المخربة او توفر الاراضي المناسبة لإقامة مشاريع انتاجية صناعية او زراعية بعد توفير الخدمات اللوجستية وتعديل التشريعات المقيدة للاستثمار .