المنبرالحر

تحديات جديدة تواجه الخطة الخمسية / ابراهيم المشهداني

مضت سنتان على اصدار الخطة الخمسية 2013--- 2017 وكان من المفترض ظهور مخرجاتها خلال الفترة المنصرمة ، فيما ينتظر المواطن نتائج ملموسة في مستوى عيشه .فقد تضمنت الخطة مؤشرات من بينها تحقيق مستوى عيش وسكن وخدمات صحية وتعليمية وإعادة البنى التحتية للمشاريع الصناعية في القطاعين العام والخاص وإصلاح الاراضي الزراعية التي تعرضت خلال الفترة الماضية الى مظاهر التصحر وزيادة الملوحة ومزاحمة المنتجات الزراعية المستوردة من دول الجوار، وكذلك حصول تحسن كبير في انتاج الطاقة الكهربائية . فقد بشرنا نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير الكهرباء السابق بان نهاية عام 2013 ستحقق للعراق ليس الاكتفاء من الطاقة الكهربائية وإنما تصديرها الى دول الجور على وفق مقدار الطاقة التوليدية للمحطات التي تم الاتفاق عليها مع الصين وكوريا الجنوبية، لكننا بعد مرور سنتين على نفاذ الخطة وجدنا انفسنا غارقين في الظلام ، وان تلك التصريحات كانت تطمينية فحسب وابعد ما تكون عن الواقع وهي لتبرير الفشل الذي لا يزال يلازم عملية انتاج الطاقة الكهربائية .
ويتوقع العيد من المتابعين بان مصير هذه الخطة هو نفس مصير الخطة السابقة 2010/ 2014 لعوامل عدة من بينها الاوضاع الامنية المتدهورة والفساد الذي قضم معظم التخصيصات المالية وضعف الاداء وغياب التشريعات التي تلزم تنفيذ مفردات هذه الخطط وغيرها من العوامل الداخلية والخارجية التي تركت بصماتها على ايقاعات حركة المتغيرات الكلية والقطاعية في الاقتصاد العراقي في اطار الاتجاه الذي ظل يصر على احادية هذا الاقتصاد وارتباطه بالاقتصاد الرأسمالي في اطار تقسيم العمل الدولي . وهذا لم يكن بعيدا عن النهج الاقتصادي السابق الذي ظل طيلة فترة ما بعد 2003 مصرا على اعتماد موارد النفط في تمويل الموازنات السنوية بالرغم من التحذيرات المستمرة من الاقتصاديين والقوى الديمقراطية المتابعة للشأن الاقتصادي بان العوائد البترولية قابلة للمفاجئات بسبب الازمة الاقتصادية العالمية والعوامل السياسية الناتجة عن صراع الاقطاب الدولية .
ان المرحلة التي يمر بها العراق اليوم تواجه مخاطر اشد مما كانت ، فجبهة الارهاب اتسعت بعد العاشر من حزيران وعلى الرغم من ايقاف تمددها وطردها من الكثير من مواقعها الا ان هذا التحدي ما يزال يشكل التهديد الاشد في ايقاف حركة النمو الاقتصادي ، اضافة الى متغير جديد لا يقل خطورة على تنفيذ الخطة الخمسية موضوع البحث يتمثل في ان اسعار البترول تتجه نحو الانخفاض حتى وصل سعر البرميل الى اقل من 50 دولار ، وما تبع ذلك من ازمة مالية دفعت الى قلب كافة الموازين ووضعت الحكومة الجديدة في حراجة غير مسبوقة فرضت عليها اتباع سياسات تقشفية على مختلف المستويات وهي ستؤدي بدون شك الى انكماش اقتصادي غير مسبوق وسيترتب عليه انخفاض كبير في الانتاج المحلي الاجمالي وبالتالي انخفاض الدخل وانخفاض مستوى العمالة ربما تؤدي في التحليل النهائي الى ازمة اجتماعية غير منضبطة .. كل هذه العوامل تضع الحكومة امام مسئولية دراسة المشكلة بكل ابعادها ووضع استرايجية تنموية رشيدة تراجع خلالها الخطة الخمسية وتبتعد قدر ما تستطيع عن القاء تبعة الازمة على عاتق الطبقات الفقيرة من خلال التوجه الى تحريك القطاعات الاقتصادية الانتاجية في مجالي الصناعة والزراعة بقطاعيها العام والخاص وفرض الضرائب التصاعدية على ذوي الدخول العالية وترشيد الانفاق غير الضروري في مؤسسات الدولة واتخاذ كافة الاجراءات المقتضية لمحاربة الفساد ووضع الخطط الكفيلة بإعادة الاموال المنهوبة من قبل الفاسدين والتنسيق مع الدول الاخرى لإعادة تلك الاموال المودعة في مصارفها وتفعيل دور القضاء في مقاضاة الفاسدين ايا كان موقعهم الوظيفي فلا حصانة لهم ازاء ثروة المجتمع ، وكذلك الكشف عن سرقاتهم وفي ذات الوقت المضي قدما وبدون تردد او فتور في محاربة الارهاب وطرده من اخر متر من الارض العراقية ، ففي ذلك مداخل الحل لكل المشاكل والأزمات التي ورثناها من الماضي البعيد والقريب .