المنبرالحر

النفط في خبر كان / مؤيد عبد الستار

قبل عام واحد فقط كان النفط ملك الساحة والميدان ، بضاعة لا منافس لها ولا احد يجرؤ على الاحتكاك به ، فهو البنزين الملتهب الذي تبحث عنه الشركات والمعامل واصحاب السيارات في بلدان الشرق والغرب .. ولم يكن يهبط سعره في اسوأ الاحوال عن المائة دولار للبرميل الواحد ، مائة دولار بالتمام والكمال ، فاذا قمنا بعملية حسابية بسيطة للاموال التي تحصل عليها دولة نفطية عربية تنتج وتبيع يوميا عشرة ملايين برميل من النفط ، حينذاك سنعرف ماذا تعني المائة دولار سعرا للبرميل الواحد .
اليوم هبط سعر برميل النفط الى اقل من خمسين دولارا للبرميل الواحد ، اي اقل من نصف سعره السابق ، وهو مستمر على الهبوط حسب مؤشرات العالم الموثوقة .
فاذا اخذنا بالاعتبار ان الفصل الحالي الذي هبطت فيه اسعار النفط الى دون النصف هو فصل الشتاء ، وفي هذا الفصل البارد يكون الطلب على الوقود والطاقة على اشده ، لما تحتاجه اوربا من نفط وغاز وكهرباء ووقود ، علمنا ان الحاجة لم تعد كما كانت في السابق ، فقد عوضت الدول المتقدمة عن حاجتها الى الوقود بطرق شتى ، منها استخدام الطاقة النظيفة ، مثل الكهرباء الذي تنتجه المراوح الهوائية ، فبلد مثل الدنمرك تجد المراوح الهوائية التي تنتج الكهرباء في كل مكان فيه ، حتى في البحر حين تعبر الجسر الواصل بين عاصمتها كوبنهاغن ومدينة مالمو السويدية – يربطهما جسر طوله حوالي 20 كم – تجد المراوح الهوائية شاخصة في البحر ترفع هاماتها الى علو سامق وكأنها ابراج هامان .
كذلك زادت المعامل الالمانية والهولندية والسويدية وغيرها من الدول الاوربية انتاج الالواح الشمسية التي تنتج الكهرباء و تعتمد على الطاقة الشمسية ، اضافة الى مصادر اخرى مثل المفاعلات النووية التي نجهل بالضبط كمية انتاجها للطاقة لان اغلبها تعمل بسرية كبيرة لا تتاح معرفة سعة انتاجها الا للراسخين في العلم، ونحن لا في عير العلم ولا في نفيره ... افضل خريج جامعة لدينا لايستطيع اللعب بالكومبيوتر لعبة شطرنج .
وجاءت داهية الدواهي التي تسمى النفط الصخري الامريكي لكي تقلل من اعتماد امريكا على الانتاج النفطي العالمي ، زد على ذلك اهداف سياسية اخرى نعرف شيئا منها والكثير منها لا نعرفه ولا يعرفه ساستنا الذين يرسمون سياسة بلداننا بالطباشير على طريقة دائرة الطباشير القوقازية ، بينما العالم يرسم سياسته بواسطة الكومبيوترات المتطورة التي تزيد سعة برامجها على جميع ما نملك من مكتبات سواء في وزارة التخطيط او مكتبات عامة تعد على اصابع اليد .
كل هذه المؤشرات تدل على ان الصيف القادم سيسهم في تخفيض اسعار النفط بشكل مأساوي ، اي ان النفط سيهبط ويهبط ويواصل الهبوط حتى نغرق .. نغرق على حد قول الراحل عبد الحليم حافظ ، اي ربما سيصل سعره الى عشرين دولارا للبرميل الواحد .. وحينذاك لا ادري اين سيندب المسؤول عن الميزانية حظه ، ايذهب الى الفتاح فال ليقرأ له حظه الاسود ؟ ام يذهب الى بئر النفط ليذرف الدموع فوق فوهته ويضع شيئا من القير فوق جبهته علامة على الحزن والاسى ؟ ام يذهب الى بيت المال فينهب ما فيه من فضله ويهرب بجلده الى بلد الواق واق فيعيش بسعادة وهناء !!!