المنبرالحر

قطاع النقل بين الواقع وحاجات الاقتصاد / ابراهيم المشهداني

يتكون هذا القطاع من مجموعة بنوية تتمثل في الطرق والجسور والمطارات وسكك الحديد والموانئ والأنهر ، وبعض هذه البنى يتوزع بين القطاع العام والقطاع الخاص ليقدما الخدمة المشتركة للاقتصاد العراقي بنسبة حجمهما في الميدان .ويكتسب هذا القطاع اهمية كبيرة في الاقتصاد الوطني لدوره في تفعيل ديناميكية النشاط التجاري داخل العراق وخارجه عبر شبكة من الطرق تربطه مع دول الجوار الاقليمي ،وفي الوقت ذاته يشكل جزءا فعالا من البنية التحتية الاقتصادية العراقية ، ما يتطلب اخذه في الاعتبار في اية استراتيجية تنموية يعتمدها العراق للخروج من شرنقة التخلف التي هيمنت على الاقتصاد العراقي قرونا .
لقد اخذ هذا القطاع بالتكون والنمو بين الاعوام 1921 و1980 الا ان معدلات هذا النمو تتموج من مرحلة الى اخرى تبعا لمعدلات نمو الاقتصاد العراقي في قطاعاته المختلفة والمحك لكل ذلك النمو يقرره نمو الموارد المالية الذي يجد تعبيره في نمو الموارد النفطية التي ازدادت بشكل واضح بعد تأميم النفط في اوائل سبعينيات القرن الماضي التي اقترنت بزيادة اسعار النفط العالمية .
بيد ان هذا القطاع كما هو حال القطاعات الاقتصادية الاخرى يواجه العديد من التحديات ولعل ابرزها الحروب مع دول الجوار والحصار الاقتصادي طوال عقد التسعينيات من القرن الماضي التي حرمت هذا القطاع من امكانات الاصلاح والتطوير سواء الطرق البرية التي تمتد على مسافة ( 40690 ) كم او سكك الحديد التي وان كانت من اقدم السكك في المنطقة إلا انها اكثر تخلفا بالرغم من وجود مشاريع بطيئة التنفيذ حالها حال المشاريع المتعثرة في بقية القطاعات والتحدي الاخر يندرج في عمليات التخريب التي مارسها الارهاب بعد عام 2003 الذي وجد في العراق ساحة ملائمة لممارسة مشاريعه الارهابية التخريبية بدعم من بعض دول الجوار وقوى استخبارية دولية استخدمتها أداة لتحقيق مصالحها في العراق الجديد التي وجدت في عناوين التحولات الديمقراطية خطرا يهدد مصالحها وأنظمتها الرجعية الاوتوقراطية . ولا يقل تحديا خطر الفساد الذي اسهم في سرقة تخصيصات هذا القطاع من خلال المشاريع والعقود الوهمية او هدر هذه التخصيصات في مشاريع غير منتجة بسبب ضعف كفاءة اداء القائمين على هذا القطاع او الجهات الرقابية التي عجزت عن مواكبة الكيفية التي تجرى بها عملية توظيف هذه التخصيصات ، فقد قدرت مؤسسات الامم المتحدة بالتعاون مع البنك الدولي ان قيمة الاموال الرأسمالية اللازمة لإعادة بناء هذا القطاع تقدر بملياري دولار بأسعار عام 2004 ويشمل ذلك مسارات سريعة ونظاما للنقل السريع ونظام مسارات مخصصة للحافلات بالإضافة الى نظام للشحن البري إلا ان الانفاق الفعلي خلال الفترة من عام 2004 لغاية 2013 كان اضعاف تلك التقديرات ومع ذلك فان اصلاح هذا القطاع ما زال في اول الطريق .
ان كل هذه التحديات تستلزم اعادة صياغة الاستراتيجية الخاصة بقطاع النقل في الخطة الخمسية للأعوام 2013 ، 2017 والتركيز على الاولويات الاكثر اهمية في تطوير هذا القطاع ضمن الاوضاع الاقتصادية المستجدة الناشئة عن انخفاض اسعار البترول وانعكاسه على انخفاض التخصيصات المقررة لقطاع النقل والمواصلات . ان النقل الجوي والنقل البري ولاسيما السكك وخطوط النقل البري تزداد تخريبا ليس فقط بسبب اعمال الحرب لمكافحة الارهاب فحسب وإنما التبليط الرديء وثقل الاحمال التي تزيد على طاقة تحمل هذه الطرق ما يتطلب تفعيل ادوات فحص الحمولات على وفق المعايير الدولية ، وان عملية اصلاح هذه الطرق على وفق المعايير الهندسية العالمية هي من الاولويات التي تتطلب اهتماما خاصا بالإضافة الى حملة صادقة لمحاربة الفساد والفاسدين تضع قطاع النقل في المكان الذي تستطيع فيه دعم الاقتصاد الوطني بشكل عام وتقليص الهدر في المال العام وتحسين الخدمات بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة من هذا القطاع.