المنبرالحر

الثامن من شباط.. يوم أسود / د. علي الخالدي

لقد تكالبت القوى المعادية لمصالح شعبنا على ثورة تموز المجيدة . وبتشجيع من الدول اﻷمبريالية وشركات نفطها اﻷحتكارية ، والرجعية العربية في الداخل ومن دول الجوار ، تخلى حزب البعث ، وإنسلخ عن جبهة اﻷتحاد الوطني التي صنعت تحالف الجيش و الشعب ، وأصطف الى جانب أعداء الثورة ، على الرغم من المقاعد الوزارية التي مُنحت له دون غيره من اﻷحزاب الوطنية ،التي كانت مؤثرة في جبهة اﻷتحاد الوطني والساحة السياسية العراقية ، وبدأ مشوار التآمر على الثورة ، والعمل على تهيئة تطبيق أجندات معادية لمصالح الشعب والوطن .
ولكون أدوات الثورة كانت داخلية وطنية خالصة ، وضعت مذ أيامها اﻷولى أمام عينها ، إسترجاع حقوق الشعب كاملة غير منقوصة ، من الشركات النفطية اﻷحتكارية ، عمدت الشركات اﻷحتكارية الى التماطل في التفاوض ، لمعرفتها المسبقة بان هناك دولا وقوى داخلية وخارجية تخطط ﻷجهاض الثورة ، خصوصا بعد أن أزعجتها إجراءاتها الثورية، والتي خشيت من أن يمتد إشعاع مبادئها الديمقراطية الى دول الجوار ، فيكشف أنظمتها أمام شعوبها ، ويوقظها من سباتها ، وتتمرد على اﻷنظمة التي لم تشارك في صناعتها ، وتكسر أﻷغلال التي ربطت أوطانها بأحلاف عسكرية إمبريالية وبالتبعية السياسية واﻹقتصادية بها كحلف بغداد ، سيما وإن شعاع ثورة تموز بدأ يتوهج بمنجزاتها الوطنية في المنطقة .
وعند إشتداد المؤمرات على الثورة وتقاعس قيادتها عن تعميق ميثاقها الوطني ، وبصورة خاصة ترددهم في تلبية مطاليب الشعب ،بتوسيع الديمقراطية ، وبمشاركة القوى الوطنية الحقة التي حمتها في الحكم ، ومع تراكم تدريجي لفقدان اليقظة الثورية لقادتها ، و تغلغل المندسين والمنكسرين سياسيا من أعداء الثورة من القوميين والبعثيين في اﻷجهزة اﻷمنية واﻹدارية ، وإبعاد من صانها ودافع بإخلاص ، وهلل لمكاسبها الوطنية عن تلك المواقع ،خلى الجو لمنتهزي الفرص أعداء الديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية ، والذين أعْتمد عليهم في تنفيذ مخطط إجهاضها . فلح حزب البعث الفاشي بالتعاون وإياهم في الثامن من شباط عام 1963 بتنفيذ اﻷنقلاب الدموي ، مستقوين بالمساعدات المادية واللوجستية ، التي إنهالت عليهم ، فتغلبوا على المقاومة الوطنية التي تصدت ﻹنقلابه الفاشي ، وهي تفتقر الى مقومات الصمود ، وبصورة خاصة إمتناع قادة الثورة من تزويدها بالسلاح خشية الحرب اﻷهلية !! . وما أن ثبتوا أقدامهم باعدام قادة الثورة ، التفتوا لتصفية قادة وقواعد القوى الوطنية حسب تعليمات المخابرات المركزية اﻷمريكية والبريطانية آنذاك ، فشن جلاوزة الحرس الوطني الفاشي ، ما يشبه اﻷبادة الجماعية ﻷعضاء الحزب الشيوعي العراقي ، بالتعذيب واﻷعدامات ، وبذلك يكون قد تعرض الشعب العراقي ، الى أسود يوم في تاريخه المعاصر على أيديهم
لقد عود حزب البعث أعضاءه على كيفية التلون ، تجاه ما يستجد من اوضاع سياسية ، و كيفية إستغلاله ، وقت الحاجة لتنفيذ مآربه ومخططاته ، وهو لم يكن بعيدا عن ، تنقل الشعب العراقي المستمر في متاهات ودهاليز أجندات داخلية وخارجية لدول الجوار ، التي أوصلتنا في آخر المطاف الى ما نحن عليه الآن من أوضاع ومآسي إنتهت بأحتلال ثلث أراضي عراقنا من قبل داعش اﻷرهابية بمساعدة بقايا فلول فلول البعث ، المدربة على التحايل والخداع. فالبعث الفاشي ، تعاون ولا زال يتعاون مع أعتى القوى الرجعية واﻹسلامية المتطرفة إرهلبيا، وله براعة بفن التلون ، وبإستغلال ما يفتح له من أبواب وشبابيك كما فعل ذلك في حقبة تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، فتمكن بالتموضع والتعشعش في اﻷجهزة اﻷمنية واﻹدارية ، وهو لا يكترث حتى بالتعاون مع الشيطان ، وله قدرة فائقة على الدس وتفريق الصفوف ورفع الشعارات المتطرفة ، وبهرجة المناسبات المذهبية والطائفية ، لدغدغ مشاعر البسطاء من الناس في سبيل تحقيق مآربه.