المنبرالحر

ماذا وراء تبديل الاسماء الخوف ام الرغبة ؟ / ابراهيم المشهداني

بعد التغيير في عام 2003 ، كان طموح الناس الاساسي، التمتع بانسام الحرية التي كانت محرمة على العراقيين إلا من كان منصهرا في نظام البعث الصدامي التي حصرها بمريديه ومطبليه ومزمريه وبحدود التوجيهات التي تصدرها قيادة الحزب ، ولا يجوز الخروج عليها (اذا قال صدام قال العراق ). ولكن بدلا من هذه الثقافة القسرية ، ظهرت ثقافة الطائفة وتفرعاتها وازدهت اكثر فأكثر بعد ان راح بعض دعاة الطائفية يبحثون في بطون التاريخ عن خلاف هنا وخصومة هناك، وما خلفه لنا دعاة الفتنة على امتداد التاريخ من تحويل المحبة الى كراهية مقدسة، وانشأ نظام الحاصصة المقيت مناخا يلعن فيها المرء حتى اسمه الذي نشأ معه، وهذا هو بيت القصيد .
فمن يتابع الصحافة العراقية اليوم تذهله اعلانات غريبة تنصب بمجملها على تبديل اسماءهم من عمر او ابي بكر الى علي او اسماء اخرى وبالعكس. وطبعا فان الوازع المادي هو ما يدفع الصحافة الى نشر مثل هذه الاعلانات دون الاكتراث بتداعياتها ، وليس معروفا من هو عمر الذي يراد تبديله هل عمر الخليفة الراشد الثاني ام عمر ابن الامام على ام عمر بن الامام الحسين ام عمر بن جعفر الصادق. اذا كان عمر اسما مكروها فلماذا اطلقه الائمة على اولادهم؟ ومن اراد الاطلاع اكثر فليذهب الى انساب الائمة.
ولنذهب الى الحق القانوني للأشخاص في تبديل اسمائهم. فقد نصت المادة 20 من قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل على حق الشخص تبديل اسمه او لقبه لمرة واحدة. اما المادة 21 من القانون المذكور فقد رسمت الطريقة التي تجري بها عملية التبديل . والحديث هنا عن تبديل الاسم اما تبديل اللقب فله شروط مختلفة وليس من ضرورة تدفعنا للغوص في اعماقها. ومما دعا المشرع الى ضمان حق تبديل الاسم الوضع الاجتماعي وبواعث الخرافة السائدة في مجتمعنا خلال عصور الظلام، التي كانت تدفع بعض العوائل الى تسمية ابنائهم بأسماء فيها من القبح والمهانة خوفا من حسد الحاسدين! وقد وردت في سجلات الاحوال المدنية الكثير من الامثلة ومنها: زبالة ،جرو ، جريو ، كليب ، صونه ، ربع ، نص ، دينار والقائمة تطول. ومثل هذه الاسماء تصبح مثار السخرية مما لا يحتملها صاحبها ومدعاة للشجار. وما يترتب على ذلك من نزاعات اجتماعية قد تصل احيانا حد القتل. لهذا تعين على السلطات معالجة هذه العلة التي لم يجد الشخص نفسه دون ارادته غائصا في اعماقها . ومهما يكن من امر الاسم الجديد الذي سيكون عليه الشخص ، فليس من البساطة بمكان ان يعتاد الناس عليه بل تبقى الاسماء التي يرى الشخص انها مزعجة هي المتداولة بين الناس .
ولو كان عمر وأبو بكر وعثمان وعلي والحسن والحسين من الاسماء المزعجة والمكروهة، وحاشاهم ان يكونوا كذلك، لما اقدم الائمة العظام على تسمية ابنائهم بها لتكون شهادة تاريخية على المحبة والألفة. بل ان بعض حملة هذه الاسماء قد استشهدوا مع آبائهم في المعارك والثورات على الظلم والظالمين.
نقول لدعاة الكراهية: اما تكفيكم آلاف الضحايا في الحرب التي اشعلتموها في 2006 و2007؟ ان من حق من يتولى اصدار قرار تبديل الاسم على هذه الشاكلة رفض مثل هذه الطلبات مهما كانت الضغوطات ، نظرا لفقدان مبرراتها القانونية والاجتماعية والشرعية. وان من واجب رجال الدين والفقهاء والمرجعيات الدينية إشاعة ثقافة التسامح والمحبة بعيدا عن التطرف والغلو والدعوات الشاذة ، لا سيما وان بلادنا تواجه اعتى قوى التخلف والظلام الداعشي الارهابي عدو الجميع على مختلف دياناتهم ومذاهبهم وقومياتهم . نهاية الكلام اقول لمن يريد ان يبدل اسمه من عمر او علي وبالعكس ان اسمك سيظل يلاحقك كظلك وسيظل هو الثابت والمتداول بين الناس، وسيبقى عالقا بتاريخك الشخصي ولن تنفع الوثائق التي ستحمل الاسم الجديد ، إلا للإغراض النفعية المؤقتة .